القسم: أساليب إبداعية في التنشيط
د: عبدالله شكربة
تعتبر عملية التدريس مهنة معقدة وشائكة؛ ذلك أنها تحتاج إلى تظافر مكونات أساسية في شخصية المربي ( الأستاذ) حتى يتمكن من أداء مهمته أداء جيدا؛ فبالإضافة إلى المعارف الأساسية الخاصة بالمادة المدرسة فلابد من شخصية الأستاذ الغنية بالمهارات المختلفة التي تساعده على تشخيص الوضعيات المختلفة التي تمر به في الفصل، فكما أن النجار يستطيع معرفة نوعية الخشب؛ جيده من رديئه وتقويم ثمنه ومدى صلاحيته لمختلف الأشكال المطلوبة للنجارة، كذلك المربي، فإنه مع كثرة الممارسة يصبح خبيرا بتلاميذه فيعرف الجاد من المتهاون، والجيد من الضعيف والذي يمر بوضعية معينة كالعياء أو مشاكل عائلية أو قلة النوم مثلا…الخ.
يستبعد مقالنا هذا المحيط الخارجي الخاص بالأستاذ والظروف التي يشتغل فيها، ومعنى هذا أن المقال لا يتكلم عن خارج القسم؛ فهو يركز على مهارات التنشيط داخل القسم بغض النظر عن المؤثرات الخارجية التي قد تعيق بناء التعلمات سواء تعلق الأمر بالمربي ( الأستاذ) أو التلميذ. صحيح أن العوائق التي سنتحدث عنها معظمها خارجي، وهي تؤثر في العملية التعليمية التعلمية، وقد تجعلها عسيرة أو غير ممكنة. لكننا ننطلق من هذه الوضعية: كيف نخلق التعلم الذاتي في التلميذ ؟ كيف نشعره بالجاذبية والحافزية للتعلم؟
لننطلق أولا من معطى بديهي، وهو كل من يأتي الى المدرسة له رغبة في التعلم. قد تختلف هذه الرغبة عند التلاميذ نظرا لاختلاف المعطيات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والعاطفية المرتبطة بكل تلميذ، فتزداد أو تنقص حسب كل حالة، لكنها ولو في حدودها الدنيا موجودة.
تتعرض هذه الرغبة خلال السنة إلى تقلبات مختلفة؛ فقد يشعر التلميذ بالعياء خاصة في أواخر الدورة الأولى ومنتصف الدورة الثانية، أو بعد يوم شاق من الدراسة؛ فأحيانا يدرس التلميذ سبع ساعات، أضف إليها الساعات الخصوصية المؤدى عنها التي تبرمج بين الثانية عشر والثانية زوالا والسابعة ليلا ( فترة راحة التلميذ)، أو قد تكون الحصة هي الأخيرة سواء في الصباح أو المساء، وتزداد سوء اذا كانت بعد حصة التربية البدنية مع حرارة مرتفعة، أو أن المادة ثانوية للتلميذ ولا يحضر لها إلا خوفا من الغياب؛ كالرياضيات بالنسبة للثانية باك آداب، أو الاجتماعيات بالنسبة للثانية باك علوم مثلا.
فهذه وضعيات مختلفة تجعل العملية التعليمية غير مناسبة لبناء تعلمات سليمة، ولذلك وجب تنشيط القسم بأساليب مختلفة ومبتكرة حتى يسترجع القسم حيوته ونشاطه، وتعيد عجلة العملية التعليمية إلى سكتها.
وقبل التطرق إلى هذه الأساليب وجب التنبيه أنها مجرد وسائل لخدمة غاية أساسية وهي استمرار العملية التعليمة في أجواء مناسبة، ومتى تحققت الغاية وجب العود الى الأصل، وفي جميع الأحوال فإن هذه الوسائل لا ينبغي أن تستحوذ على الحصة الأساسية.
تتجلى قيمة هذه الوسائل التنشيطية في كونها تجعل العملية التعلمية سليمة وقابلة للاستمرار فلا فائدة من ضرب الحديد البارد، واستمرار العملية التعلمية رغم هذه المتغيرات كمن يصب الماء في الرمل، وقديما قال الفقهاء ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ولتنشيط القسم وإخراجه من الوضعيات التي أشرنا إليها أعلاه نقترح ما يلي:
– التنشيط باللعب: يكتسي اللعب قيمة أساسية في حياة الإنسان، ذلك أن النفس إذا ملت كلت، وإذا كلت توقف العطاء. واللعب حاجة بيولوجية يحتاجها الإنسان كما يحتاج باقي الحاجيات البيولوجية الأخرى كالأكل والشرب وغيرها، وهي حاجة لا تقتصر على الصغار كما نعتقد، بل حاجة بيولوجية يريدها الصغار والكبار، فقط تختلف نوعية الألعاب ومدتها ومدى تحكمها في الإنسان ودرجة الوعي باللعبة بين الصغار والكبار، واللعب من الوسائل الناجحة في تحقيق ذاتية الإنسان وإظهار مهارته وتفرده، لذلك عندما يكون القسم في وضعية من وضعيات العياء والملل والضجر من الدراسة يمكن أن يختار المربي لعبة جماعية تنافسية قصيرة تعيد للقسم حيويته ورغبته في التعلم.
– التنشيط بالحوار: وأقصد بالتنشيط بالحوار فتح مواضيع تربوية أو تعليمية أو رياضية تشغل بال المتعلم ويجد فيها ذاته ويريد الحديث عنها أو استماع الكبار الى رأيه فيها، فهذه من الأساليب التي تعيد الجدية الى المتعلم.
– التنشيط بالخداع أو المقالب: اقصد بالخداع تقديم معلومة غير صحيحة يعرفها القاصي والداني وانتظار رد فعل المتعلم، وهذه الوسيلة يفضل استعمالها أكثر أثناء املاء الاستاذ الدرس على التلاميذ؛ فمثلا قد يقول لهم أثناء إملائه للدرس: إن لغة العرب الانجليزية، فخطأ هذه المعلومة بديهي، وكتابة التلاميذ لها معناه أنهم لا يركزون أثناء الكتابة، وقيمة هذه الوسيلة التنشيطية هي أنها تنبه التلاميذ الى ما يكتبون.
– التنشيط بالمكافأة ( النقط): ويفضل استعمال هذه الوسيلة في التقويم التشخيصي أو التكويني، وذلك عبر تقديم مكافأة قد تكون اضافة نقطة أو أي مكافأة تحفز التلميذ على الحضور داخل الفصل.
– التنشيط بمقاربة النوع ( الإناث والذكور): وهي مثلها مثل التنشيط بالمكافأة، غير أن المربي لا يقدم مكافأة إنما يحفز الرغبة في التميز عند الجنسين، كأن يطرح سؤالا وينتظر الاجابة من الاناث أو الذكور؛ فحب التميز غريزة تزداد حدتها اذا تعلق الأمر بين الإناث والذكور.
– التنشيط بالمسابقة الدراسية: واقصد بالمسابقة الدراسية بأن يجعل المربي العملية التعليمية مسابقة يتبارى حولها التلاميذ ، وتكون أسئلة المسابقة حول الدرس السابق أو الذي يتم بناؤه، أما المجموعات المتبارية فقد يختار كل صف داخل الفصل مجموعة، أو التباري بين الإناث والذكور.
2 التعليقات
مؤسسة البيان للاستشارات الأكاديمية
10/08/2023, 11:04 صشكرا لكم
الردمؤسسة البيان للخدمات الأكاديمية
15/08/2023, 9:15 صما المقصود بأدوات الدراسة العلمية؟
الردالأدوات العلمية هي تلك الأدوات التي تجمع المعلومات من العديد من المصادر. فيتم جمع هذه المعلومات من عينات البحث التي تناقش ظاهرة معينة.