“اللسانيات النسقية الوظيفية ونحو اللغة العربية”لإبراهيم الكعاك
جمال الفقير
صدرت دراسة أكاديمية بعنوان “اللسانيات النسقية الوظيفية ونحو اللغة العربية” للباحث والأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- القنيطرة د. إبراهيم الكعاك. دبجها بتقديم أشار فيه إلى جوانب عديدة تتعلق بدراسته، فبين فيه أهمية اللسانيات النسقية الوظيفية باعتبارها إحدى المدارس اللسانية الحديثة التي تعنى بدراسة اللغات الطبيعية من حيث الوظائف التي تؤديها هذه الأنساق ضمن الثقافات والمجتمعات البشرية. ووضح أهمية النحو بحكم أنه يمثل المستوى الانتقالي الذي يسمح بالتعبير عن مضامين ودلالات لا نهائية عبر عبارات وأصوات محدودة.
ضم الكتاب مجموعة من الفصول التي كتبت بطريقة عميقة ورصينة.
1. مقدمة: مدخل إلى النحو الوظيفي
وسم الفصل الأول ب “مقدمة: مدخل إلى النحو الوظيفي”، تناول فيه الباحث النحو كنظرية شديدة التجريد، و” ظاهرة يمكنها أن تدرس في ظل المبادئ الصارمة للعلوم الحديثة، وتبعا لمناهجها الوصفية المضبوطة، مثلها في ذلك مثل الضوء والحركة والجسم الحي وسائر الظواهر الأخرى” .
تفرقت مواضيعه بين النحو والنحويات، والأهداف والتطبيقات، وتحليل النص: الغايات والآفاق، وفي الحاجة إلى النحو، والأنموذج الصوري والأنموذج الوظيفي، والنظرية النسقية- الوظيفية، ونحو النص ونحو اللسان، واللسان نسقا من الأنساق والنظرية النسقية وطبقات اللسان، ووظائف اللسان.
وقد انتهى الباحث في آخر الفصل إلى أنه “يجب على المشروع الحالي للبحث في النحو اللنسقي-الوظيفي، أن يتوخى تقديم صورة متكاملة عن التعدد الوظيفي للغة العربية، ولاسيما في المرتبة الأساس داخل النظام النحوي: الجملة البسيطة” .
2. الوحدات النحوية وبنياتها
وخصص الفصل الثاني، لدراسة “الوحدات النحوية وبنياتها”، من منطلق أن الوصف اللساني في المستوى النحوي يُعنى ب” طبيعة العناصر البنيوية، والعلاقات القائمة بين هذه العناصر داخل مختلف البنيات النحوية. وتحتل الجملة البسيطة داخل هذا المستوى مكانة مركزية، لأنها الوحدة النحوية التامة التي تشتغل في إطارها سائر الوحدات النحوية الأخرى” . بناء على ذلك اهتم الباحث بدراسة مواضيع مرتبطة بالوحدة والمرتبة، والبنية: الجملة البسيطة، والقسم، والجملة المركبة، والمجموعة (الاسمية والفعلية)، والكلمة، وتبدل المرتبة والوحدات المركبة.
3. النسق
وعنون الفصل ب “.النسق” الذي هو “إحدى المقولات المجردة التي تتشكل منها النظرية اللسانية” . يتميز بكونه المقولة المركزية أو الأساس، لأنه هو المفهوم الذي يُمَكِّنُ من رصد مختلف الاختيارات الدلالية الموضوع رهن إشارة مستعملي اللغات الطبيعية، وبالتالي من مقاربة اللسان بوصفه مجموعة من الموارد التي ينتقي منها المتكلمون في سياقات تخاطبية حقيقية ما يمكنهم من تحقيق أهدافهم التواصلية. فتطرق للنسق انتظاما أنموذجيا، والتزامن والافتقار، والشبكات الأنساقية: بعض الأمثلة، واللطف، والافتقار المركب، وعبارات الانتقاء.
4. التحقيق
اختار الباحث للفصل الرابع عنوان “التحقيق” الذي “يحتل مكانة بارزة داخل نظرية النحو، كما تصورتها النظرية النسقية، منذ نماذجها الأولى؛ إذ تتشكل هذه النظرية من أربع مقولات تربط بينها عدة علاقات في مستويات مختلفة من التجريد. وهذه المقولات هي الوحدة والبنية والقسم والنسق. أما التحقيق؛ فهو السلم الذي يمكن من ربط كل مقولة منها بالمقولات الأخرى، تارة؛ وبالوقائع التي تطمح هذه النظرية إلى تفسيرها، تارة أخرى” . وقد تناول فيه التكوين والتحقيق، والعنونة القسمية والعنونة الوظيفية، والتحقيق: النحو العميق والنحو السطحي، وأنواع التحقيق.
5. الجملة تمثيلا: العدية
ووسم الفصل الخامس ب “الجملة تمثيلا: العدية”، ففي نظره إذا تأملنا “الإمكانات التي تضعها اللغة العربية رهن إشارة مستعمليها في مرتبة الجملة، فسوف نجد أن قدرا هاما منها يدخل في ما يسمى عادة: “التعدية”؛ إذ غالبا ما نعبر في هذه المرتبة حين نتكلم أو نكتب عن ” حدث” ما، ومشاركين فيه، وظروف أو ملابسات، تم في إطارها” . وتناول في الفصل من هذا المنطلق، مفهوم التعدية في النموذج النسقي- الوظيفي، والأنماط الأساس للأحداث والمشاركين، والمستفيد والمدى، والملابسات.
6. الجملة تفاعلا: الوجه
وعنون الفصل السادس ب “الجملة تفاعلا: الوجه”،إذ يجب في الدراسة النحوية تناول الجملة من حيث هي “تمثيل يعبر بواسطته المتكلمون عن تصورهم الخاص لوقائع العالم الخارجي، والكائنات التي يشملها، إما من جهة مساهمتها في إنجاز هذه الوقائع، وإما باعتبارها تشكل الشروط أو الملابسات التي تنجز هذه الأحداث في إطارها” . وأيضا من حيث هي تفاعل، “فمن خلال هذه الوحدة النحوية، يعبر المشاركون في الحدث التخاطبي، وعلى رأسهم المتكلم- الكاتب، والمخاطب- القارئ عن الأدوار التواصلية التي يلعبونها في التفاعل اللساني، وكذا عن آرائهم أو مواقفهم مما يتحدثون عنه” .
فاللغة لها وظيفة تمثيلية وأيضا تفاعلية يمكن لأي فرد منا أن يتدخل في حدث تخاطبي” ليعبر عن مواقفه وآرائه، محددا العلاقات التي تربط بينه وبين المخاطب، ولاسيما الدور التواصلي الذي يتبناه، من إخبار، أو سؤال، الخ” . وقد تناول الباحث في هذا الفصل الوجوه ووظائف الخطاب، وعنصر الوجه: الصرفة والفاعل، وبنية الجملة في الأفق التفاعلي، والوجوه الأساس، والوجهة.
7. المحور
والفصل السابع، عنونه ب “المحور”، أكد فيه أن الجملة ليست “تمثيلا للتجربة الإنسانية فقط، ولا تفاعلا بين المشاركين في الحدث التخاطبي فحسب، بل هي، علاوة على هذا وذاك، رسالة حية ينبغي أن تنظم أجزاؤها بحسب إسهامات المتميز في النشاط التواصلي” . لذلك بحث في مفهوم المحور: المنظور الوظيفي للجملة، والبنية المحورية، وأنماط العناصر المحورية، والمحاور الطبيعية.
8. الاتساق في اللغة العربية
أما الفصل الأخير، فأفرده الباحث لدراسة “الاتساق في اللغة العربية”، لافتا النظر إلا أن النص حظي باهتمام كبير من طرف الباحثين في العلوم الإنسانية على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم واهتماماتهم، في مختلف الحقول المعرفية، مثل اللسانيات وعلم الاجتماع وعلم النفس والمنطق والسيميائيات والنقد الأدبي، الأمر الذي يبرز ثراء المظاهر النصية القابلة للدرس، الجديرة بالاستكشاف؛ وتنوع الرؤى التي قد تدرس وتستكشف من خلالها . فتناول النص والاتساق، والاتساق من منظور النموذج النسقي- الوظيفي، ورؤية عامة عن شبكة الاتساق، وأنواع الأواصر الاتساقية”.
عرض الباحث في آخر دراسته لفهرست المصادر والمراجع التي اعتمد عليها. زاوج فيها بين المصادر والمراجع العربية والأجنبية التي أكدت على أن الباحث ملم نظريا بمجال اشتغاله، ونقصد بذلك اللسانيات عامة واللسانيات النسقية الوظيفية على وجه الخصوص. ولا أدل على ذلك اعتماده على مصادر ومراجع لباحثين وعلماء لسانيين مروموقين متخصصين في المجال، مثل: هاليداي، وماثياس، وبوتلير، ويامسليف، وبيري، وأحمد المتوكل، ومسعودي، ومورلي وايسبورغ، وهيدلستون، وهنريسي، وكوميت، وفيرباس، وبلومفيلد، وهاريس، وسوسير وغيره.
دراسة ممتعة غنية بالمعلومات للباحثين في اللسانيات.
المصدر:
إبراهيم الكعاك، اللسانيات النسقية الوظيفية ونحو اللغة العربية، الرباط، مطابع الرباط نت، ط.1، 2018.
2 التعليقات
جعفر حميد
05/06/2022, 8:08 مهنيئا لكم بهذا العمل الذي سيثري الخزانة العربية. بالتوفيق والنجاح.
الردسعيدة خربوش
23/10/2022, 12:52 مهنيئا للخزانة اللسانية بهذا العمل الفريد، سيكون قاعدة أساس لما بعده
الرد