إضاءات لتقريب فقه الزكاة
الدكتور توفيق ابريز
“الحلقة الثالثة”
فهرس الموضوع:
تمهيد
زكاة الثروة الزراعية
النصاب في زكاة الزروع والثمار
زكاة العسل
زكاة الثروة التجارية
زكاة الثروة المعدنية والبحرية
المستخرج من البحر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله r وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
يشرفني أن أقدم لأهل العلم والباحثين وعموم القراء، الحلقة الثالثة من كتابي: “إضاءات لتقريب فقه الزكاة”، فأستهل القول بالتذكير لما كتبته سلفا في هذا الموضوع؛ ففي مقال منفرد تحت عنوان: شذرات لتقريب فقه زكاة الفطر، بينت فيه ما تعنيه زكاة الفطر وحكمها وحكمة مشروعيتها، وفيمن تجب عليه؟ وعمن تجب؟ واستحضرت اختلاف العلماء والفقهاء في ذلك وأدلتهم، ثم ذكرت مباحث أخرى مرتبطة بزكاة الفطر.
ثم ارتأيت بعد ذلك أن أنشر الإضاءات في حلقات علمية هادفة؛ فعرضت في الحلقة الأولى ما كان عليه الفقراء والطبقات الضعيفة في المجتمع قبل الإسلام، وعناية الأديان بالفقراء، ومدى حرص الإسلام على هذه الطبقة، ثم عرفت الزكاة والصدقة، واهتمام القرآن الكريم بهذه العبادة، ثم بينت التحذير الشديد من منع الزكاة، وبينت الأصناف الثمانية، وما وقع من اختلاف بين العلماء في ذلك، ثم بينت على من تجب، وما في ذلك من تدافع أقوال الفقهاء مستحضرا مختلف الأدلة والبراهين المعتمدة في ذلك، وأهم الوسائل المرتبطة بهذه الأصناف الثمانية التي يتوقف فيها الإحسان والتي تحتاج إلى جلاء.
أما الحلقة الثانية فقد خصصتها للأموال التي يجب فيها الزكاة، ومقادير الواجب فيها، وما فيها من اختلاف، وحاولت أن أوجز القول بما يناسب جوهر مقصد الشريعة الإسلامية، وإليك أيها القارئ لكريم الحلقة الثالثة التي تستهل ب: زكاة الثروة الزراعية.
زكاة الثروة الزراعية
إذا كانت زكاة الخارج من الأرض من زرع وثمر ثابتة في الجملة[1] بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول -كما قرر العلماء- فأي هذه الحاصلات الزراعية تجب فيها الزكاة المعلومة العشر أو نصفه؟ أتجب في كل ما يخرج من الأرض أم في بعضه؟ وما هذا البعض؟ وما وجه تخصيصه؟
اختلفت المذاهب في ذلك اختلافا بيّنا:
1- مذهب ابن عمر وطائفة من السلف: وجوب الزكاة في الأقوات الأربع خاصة والأقوات الأربع هي من الحبوب الحنطة والشعير فقط وفي ثمار الفاكهة التمر والزبيب.
وبه قال أحمد في رواية وابن سيرين والشعبي والحسن بن صالح وابن أبي ليلى واحتج أصحاب هذا القول ب:
– ما رواه ابن ماجة والدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: “إنما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب”.[2]
– وما روي عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم، فأمرهما ألا يأخذا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب.[3]
2- مذهب مالك والشافعي: الزكاة في كل ما يقتات ويدخر، وييبس من الحبوب والثمار مثل: الحنطة والشعير والذرة والأرز وما أشبه ذلك. والمراد ب “المقتات” ما يتخذه الناس قوتا يعيشون به في حال الاختيار لا في الضرورة، فلا زكاة عند المالكية والشافعي في الجوز واللوز والبندق” والفستق، وما كان مثلها وإن كان ذلك مما يذخر لأنه ليس مما يقتات الناس به، وكذلك لا زكاة في التفاح والرمان ولا في الكمثرى والخوخ والبرقوق ونحوها، لأنها مما لا يبيس ولا يدخر.[4]
واختلف المالكية في “التين” فذهب جماعة منهم إلى أن لا زكاة في التين، وذلك أن مالكا قال في الموطأ: “السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي سمعته من أهل العلم أنه ليس في شيء من الفواكه كلها صدقة الرمان، والفرسك والتين وما أشبه ذلك ومما لم يشبهه إذا كان من الفواكه.”[5]
وقال ابن عبد البر: “فأدخل التين في هذا الباب، وأظنه والله أعلم لم يعلم بأنه يبيس ويدخر، ويقتات. ولو علم ذلك ما أدخله في هذا الباب، لأنه أشبه بالتمر والزبيب منه بالرمان، وقد بلغني عن الأبهري وجماعة من أصحابه أنهم كانوا يفتون بالزكاة فيه، يرونه مذهب مالك على أصوله عندهم “.[6]
وذكر الخرشي في شرحه على متن “خليل” أن الزكاة تجب في عشرين نوعا: القطاني السبعة: الحمص والفول واللوبيا والعدس والترمس والجلبان والبسيلة وأيضا: القمح والشعير والسلت والعلس والأرز والذرة والدخن والزبيب وأيضا الأربع ذوات الزيوت وهي: الزيتون والجلجلان -أي السمسم- وحب الفجل (أي الأحمر) والقرطوم والتمر، فلا تجب في التين على المعتمد ولا في قصب ولا فاكهة ولا في حب الفجل (أي الأبيض) والعصفر والكتان ولا في التوابل ونحو ذلك.[7]
قال القرطبي: “وقال الشافعي: لا زكاة في شيء من الثمار غير التمر والعنب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الصدقة منهما، وكانا قوتا بالحجاز يدخر، قال: وقد يدخر الجوز واللوز ولا زكاة فيهما، لأنهما لم يكونا بالحجاز قوتا فيما علمت، وإنما كانا فاكهة، قال الشافعي: ولا زكاة في الزيتون لقوله تعالى: “والزيتون والرمان” سورة الأنعام، الآية 141. فقرنه مع الرمان ولا زكاة فيه. هذا قول الشافعي بمصر، وله قول بالعراق: أن فيه الزكاة[8] ولم يختلف قول مالك في الزيتون يعني أن فيه الزكاة، فقد ذكر في “الموطأ” أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون، قال القرطبي: فقال فيه العشر.
3- مذهب أحمد: في كل ما يبيس ويبقى ويكال:
يقول أحمد عدة أقوال أظهرها وأشهرها ما ذكره في “المغني” (2/290) أن الزكاة تجب فيما جمع هذه الأوصاف: الكيل والبقاء واليبس من الحبوب والثمار مما ينبته الأدميون إذا نبت في أرضه سواء كان “قوتا” كالحنطة والشعير والسلت والأرز والذرة والدخن أو من القطنيات كالباقلا (الفول) والعدس والماش والحمص أو من “الأبازير”: “كالاكسفرة” و”الكمون” و”الكراويا” أو البذور “كبدر الكتان” و”القثاء” و”الخيار” أو من البقول “كالرشاد” و “حب الفجل” و”القرطم” و”الترمس” و”السمسم” وسائر الحبوب، وتجب أيضا فيما جمع هذه الأوصاف من الثمار كالثمر والزبيب والمشمش أي المجفف واللوز والفستق والبندق.
ولا زكاة في سائر الفواكه والخوخ والكمثري والتفاح والمشمش، ولا في الخضر كالقثاء والخيار والباذنجان واللفت والجزر. وبهذا قال عطاء في الحبوب كلها.
4- مذهب أبي حنيفة: في كل ما أخرجت الأرض الزكاة.
وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الزكاة العشر أو نصفه في كل ما أخرج الله من الأرض، مما يقصد بزراعته نماء الأرض وتستغل به عادة.
ولهذا استثنى الحطب والحشيش والقصب والفارسي، لأنها مما لا يستنبته الناس في العادة في الأرض، بل تنفى عنها حتى لو اتخذ أرضه مقصبة أو مشجرة أو منبتا للحشيش يجب فيها العشر.
فلم يشترط أن يكون الخارج من الأقوات ولا أن يكون مما ييبس ويدخر ولا أن يكون مما يكال ولا أن يكون مأكولا.
وعلى مذهب أبي حنيفة وصاحبه أبو يوسف ومحمد بن الحسن يجب إخراج الزكاة من قصب السكر والزعفران والقطن والكتان وما شابهها، وإن لم تكن مما يقتات أو يؤكل.
وعلى قول أبي حنيفة يجب إخراج العشر من الفواكه جميعها كالتفاح والكمثرى والخوخ والمشمش والتين والمانجو وغيرها، سواء أكانت تجفف وتيبس أم لا، ويجب إخراج العشر من الخضروات جميعا كالخيار والقثاء والبطيخ والباذنجان والجزر واللفت والفجل وغيرها.
وحجة أبي حنيفة فيما ذهب إليه:
– عموم قوله تعالى في سورة البقرة: “ومما أخرجنا لكم من الأرض” ولم يفرق بين مخرج ومخرج.
قال الفخر الرازي في تفسير الآية: “ظاهر الآية يدل على وجوب الزكاة في كل ما تنبته الأرض على ما هو قول أبي حنيفة رحمه الله، واستدلاله بهذه الآية ظاهر جدا”.[9]
– قوله تعالى: “وآتوا حقه يوم حصاده” وذلك بعد أن ذكر أنواع المأكولات من الجنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع والزيتون والرمان، وأحق ما يحمل الحق عليه الخصوات لأنها هي التي يتيسر إيتاء الحق منها يوم القطع، وأما الحبوب فيؤخر الإيتاء فيها إلى يوم التنقية.[10]
– قوله صلى الله عليه وسلم: “وفيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر”. من غير فصل بين ما يبقى وما لا يبقى، وما يؤكل وما لا يؤكل، وما يقتات وما لا يقتات.
وأولى هذه المذاهب بالترجيح هو مذهب أبي حنيفة الذي هو قول عمر بن عبد العزيز ومجاهد وحماد وداود والنخعي: “أن في كل ما أخرجت الأرض الزكاة، فهو الذي يعضده عموم النصوص من القرآن والسنة، وهو الموافق لحكمة تشريع الزكاة، فليس من الحكمة فيما يبدو لنا أن يفرض الشارع الزكاة على زراع الشعير والقمح، ويعفى صاحب البساتين من البرتقال أو المانجو أو التفاح، أما أحاديث حصر الصدقة في الأقوات الأربعة فلم يسلم فيها حديث من طعن إما بالانقطاع أو ضعف بعض الرواة…”
والذي تبث باستقراء أحوال عصرنا في مختلف البلدان الإسلامية في الجانب التجاري والفلاحي يلاحظ أن البون شاسع بين مستخدمي الأرض والتجارة سابقا وحاليا، إذ أن قديما كانت التجارة والفلاحة لا تتمان على نحو شاسع ولا بالكثرة التي عليها الآن، فقد أصبحت التجارة تتم بشكل تدر على أصحابها النفع الكثير، وتتسع في مختلف الأصقاع. أما مستخدمو الأرض فقد وسعوا نشاطهم واستغلالهم للأراضي الكثيرة، الأمر الذي يفرض علينا الأخذ بمقاصد الشريعة ومآلاتها ولبها لأخذ ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة والله أعلم.
النصاب في زكاة الزروع والثمار
مذاهب العلماء في اعتبار النصاب:
جمهور علماء الأمة من الصحابة والتابعين وسائر أهل العلم بعدهم على أن الزكاة لا تجب في شيء من الزروع والثمار حتى يبلغ خمسة أوسق، مستدلين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة “[11].
وذهب أبو حنيفة إلى أن الزكاة تجب في قليل ذلك وكثيره لعموم قوله عليه السلام: “فيما سقت السماء العشر”.[12]ولأنه لا يعتبر له حول فلا يعتبر له نصاب.
وهو قول إبراهيم النخعي فيما رواه عنه يحيى ابن ادم في كل قليل أو كثير من الأرض صدقة: “العشر أو نصف العشر”.
قال ابن حزم: “وعن مجاهد وحماد بن أبي سليمان، وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي إيجاب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض قل أو كثر. وهو عن عمر بن عبد العزيز وإبراهيم وحماد بن أبي سليمان في غاية الصحة”.[13]
فإذا كان الدكتور القرضاوي قد رجح قول أبي حنيفة في إيجاب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض فقد خالفه في عدم اعتبار النصاب وإيجابه الْعُشُر في القليل والكثير من الزرع والتمر، لأن ذلك مخالف للحديث الصحيح الذي نفى وجوب الزكاة عما دون خمسة أوسق، ومخالف لنظرية الشريعة.[14]
نصاب الحبوب والثمار
جاءت الأحاديث الصحيحة بتقدير النصاب في الحبوب والثمار بخمسة أوسق، وأجمع العلماء أن الوسق ستون صاعا. فالأوسق الخمسة ثلاثمائة صاع، وقد روى في ذلك حديث مرفوع: “الوسق ستون صاعا”[15]. والاعتماد في هذا التقدير على الإجماع الذي نقله ابن المنذر وغيره.[16]
مقدار الصاع: الصاع في لسان العرب مكيال لأهل المدينة يأخذ أربعة أمداد. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد.[17] وصاع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد بمدهم المعروف عندهم.
وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة أن ترجع في مكاييلها إلى ما تعارف عليه أهل المدينة وفي موازينها – كالدرهم والمثقال- إلى ما تعارف عليه أهل مكة، وفي هذا روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان أهل مكة”.
وحكمة هذا التفريق: أن أهل المدينة أهل زروع وثمار، فحاجتهم إلى المكاييل أكثر وهي عندهم أدق وأضبط، أما أهل مكة فهم أهل تجارة فتكون حاجتهم إلى الموازين – كالدينار والدرهم – أكثر، وبالتالي تكون عندهم أدق وأضبط.
واختلف الفقهاء في تحديد الصاع، والذي رجحه أكثر أهل العلم هو قول أهل الحجاز ومن وافقهم أن الصاع خمسة أرطال وثلث.
والمد هو: “ملء كفي الإنسان المعتدل”. والصاع “بأنه أربع حفنات”.[18]
نصاب غير المكيلات:
ما ذكرناه من النصاب “الأوسق الخمسة” إنما هو في المكيلات من الحاصلات الزراعية، أما ما لا يقدر بالكيل كالقطن والزعفران فقد اختلفوا في تقدير نصابه.
أ- قال أبو يوسف: يعتبر فيه القيمة، وذلك أن تبلغ قيمة الخارج من قطن وغيره قيمة خمسة أوسق من أدنى ما يكال من الحبوب كالشعير مثلا.
وعلى هذا تجب زكاة القطن إذا كان ثمن الخارج منه ثمن خمسين كيلة من الشعير باعتباره أرخص الحبوب الآن.
ب- وقال محمد: المعتبر إنما هو خمسة أمثال أعلى ما يقدر به ذلك الشيء، لأن التقدير بالوسق في المكيلات لم يكن إلا لأن الوسق أعلى ما يقدر به في بابه.
وعلى هذا إذا كان القطن يقدر بالقناطير في عصرنا فنصابه خمسة قناطير، وهكذا ولكن يؤخذ على هذا التقدير أن النصاب به لا ينضبط لاختلاف الأقطار بل البلدان في القطر الواحد في اعتبار أعلى ما يقدر به نوع من الحاصلات، مما يؤدي إلى الاضطراب والاختلاف الشديد.
ج- وذهب بعضهم إلى تقويم نصاب غير المكيل بمائتي درهم أي بنصاب النقود كمال التجارة، إذ هو مزكى لا نصاب له في نفسه فاعتبر بغيره.
د- وقال داود: ما لا يكال تجب الزكاة في قليله وكثيره.
ه- وعند أحمد أن ما لا يكال يقدر بالوزن، ولهذا قدر نصاب الزعفران والقطن وشبههما بألف وستمائة رطل بالعراقي، لأنه ليس بمكيل، فيقوم وزنه مقام كيله، لأن النصاب الذي جاء به الشرع قد عرف مقداره بالوزن، كما عرف بالكيل، فالأولى فيما لا يكال أن يقدر بالوزن وهو 653 كيلوغرام.
والذي اختاره بعض الفقهاء هو اعتبار القيمة فيما لا يوسق ولا يكال لأنه مال زكوي ما لم ينص الشرع على نصابه فاعتبر بغيره، وإذا كان لابد من اعتبار النصاب بغيره فليعتبر بقيمة ما يوسق للنص عليه، كما ذهب أبو يوسف.[19]
متى يعتبر النصاب؟
والنصاب إنما يعتبر بعد الجفاف في الثمار، أي بعد أن يصير الرطب تمرا، والعنب زبيبا، وبعد التصفية والتنقية من القشر في الزروع.
مقدار الواجب وتفاوته:
العشر ونصف العشر
روى البخاري عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: “في ما سقت السماء والعيون، أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر”.[20]
والعثري كما قال الأزهري وغيره مخصوص بما سقي من ماء السيل، فيجعل عاثورا وهو شبه ساقية تحفر ويجري الماء إلى أصوله، وسمي كذلك لأنه يتعثر به المار الذي لا يشعر به. والنضح: السقي بالسانية وهو البعير الذي يستقى به الماء من البئر، ويقال له: الناضح والجمع: سوان ونواضح.
وروى مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فيما سقت الأنهار والغيم العشور وفيما سقي بالسانية نصف العشور”.[21] والغيم المطر، والعشور جمع عشر.
روى يحيى بن ادم في الخراج عن أنس قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالدوالي والسواني والغرب والناضح نصف العشر”[22]. والغرب: الدلو الكبير.
ما سقي بعض العام بكلفة وبعضه بغير كلفة:
أ- فإن سقي الزرع نصف السنة بكلفة ونصفها بغير كلفة ففيها ثلاثة أرباع العشر. قال ابن قدامة: “ولا نعلم فيه مخالفا، لأن كل واحد منهما لو وجد في جميع السنة لوجب مقتضاه، فإذا وجد في نصفها أوجب نصفه”.[23]
ب- وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر أكثرهما، فوجب مقتضاه وسقط حكم الآخر. وهو قول عطاء والثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي والمعتمد عند الحنابلة.
د- وإن جهل المقدار غلبنا العشر احتياطا، لأن الأصل وجوب العشر، وإنما يسقط بوجود الكلفة، فما لم يتحقق المسقط يبقى على الأصل، ولأن الأصل عدم الكلفة في الأكثر فلا يثبت وجودها مع الشك فيه.
هل يعتبر الجهد في غير السقي؟
إذا ثقلت المؤنة بسبب آخر غير سقي الزرع بالآلات ونحوها كان يحتاج إلى حفر الترع والمصارف والقنوات ونحو ذلك. فقد ذهب صاحب “المغني” إلى أنه لا يؤثر في نقصان الزكاة لقوله: “أن حفر الأنصار والقنوات لا يؤثر في نقصان الزكاة، وعلل ذلك بأنه من جملة إحياء الأرض، ولا يتكرر كل عام.”[24]
ومثل ذلك أفاده الرافعي في “الشرح الكبير” وعلله بأن مؤنة القنوات إنما تتحمل لإصلاح الضيعة والأنهار تشق لإحياء الأرض، فإذا تهيأت وصل الماء إلى الزرع بطبعه مرة أخرى، فيكون فيه العشر بخلاف السقي بالنواضح ونحوها.[25]
تقدير الواجب بالخرص:
الخرص في اللغة: الحزر والتخمين واصطلاحا: تقدير ظني يقوم به رجل عارف مجرب أمين، وذلك إذا بدا صلاح الثمار، فيحصي الخارص ما على النخيل والأعناب من الرطب والعنب ثم يقدره تمرا وزبيبا ليعرف مقدار الزكاة فيه، فإذا جفت الثمار أخذ الزكاة التي سبق تقديرها منها.
وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النخيل والأعشاب تقدير النصاب، ومقدار الواجب فيها بالخرص دون الكيل أو الوزن.
وقد وضعت الشريعة هذا المعيار ليتوصل به أرباب الأموال إلى الانتفاع، ويحفظ على المساكين حقوقهم، وإنما يفعل ذلك عند أول وقت بدو صلاحها قبل أن يؤكل ويستهلك، ليعلم حصة الصدقة منها، فيخرج بعد الجفاف بقدرها تمرا وزبيبا.[26]
وممن جوز الخرص وعمل به: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وسهل بن أبي خثمه ومروان والقاسم بن محمد والحسن وعطاء والزهري وعمرو بن دينار ومالك والشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور وغيرهم، وأنكره الإمام أبو حنيفة لأنه رجم بالغيب وظن وتخمين لا يلزم به حكم.[27]
واحتج الجمهور بأدلة كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- روى أبو داود عن عائشة قالت: وهي تذكر شأن خيبر: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود، فيخرص النخل حتى يطيب، قبل أن يؤكل منه”.[28]
2- ما رواه سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم وكرومهم وثمارهم.[29]
3- وعن سعيد بن المسيب في رواية عنه قال: “أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا، كما تؤخذ زكاة النخل تمرا”.[30]
4- وقد عمل به النبي صلى الله عليه وسلم فخرص على امرأة بوادي القرى حديقة لها عام تبوك وكان خرصه عشرة أوسق، وقال للمرأة: أحصي ما يخرج منها، فأحصته فكان كما قال صلى الله عليه وسلم.[31]
وقت الخرص:
ووقت الخرص حين يبدو صلاح الثمر لقول عائشة: “كان صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم النخل حين يطيب”.[32]
هل يخرص غير النخيل والأعناب؟
جمهور العلماء على أنه لا يخرص غير النخيل والكرم، فلا يخرص الزيتون مثلا، لأن حبه كما قالوا: متفرق في شجره مستور بورقه، ولا حاجة بأهله إلى أكله بخلاف النخل والكرم، فإن ثمرة النخل مجتمعة في عذوقه، والعنب في عناقيده فيمكن أن يأتي الخرص عليه وبهذا قال الإمام مالك وأحمد.[33]
وقال الإمام الزهري والأوزاعي والليث: يخرص الزيتون ونحوه، لأنه ثمر تجب فيه الزكاة، ويخرص كالرطب والعنب.[34]
اقتطاع الديون والنفقات وتزكية الباقي.
الدين الذي يكون على رب الزرع والثمر نوعان:
الأول: منه ما يكون لأجل النفقة على الزرع، كما إذا استدان في ثمن البذر والسماد أو أجرة العمال ونحو ذلك من النفقات.
الثاني: ومنه ما يكون لأجل نفقة صاحب الزرع على نفسه وأهله.
روى أبو عبيد في الأموال بسنده عن جابر بن زيد قال في الرجل يستدين فينفق على أهله وأرضه قال: قال ابن عباس يقضي ما أنفقه على أرضه، وقال ابن عمر يقضي ما أنفق على أرضه وأهله.[35]
ورواه يحيى بن ﺁدم في الخراج عنه قال: قال ابن عمر يبدأ بما استقرض فيقضيه ويزكي ما بقي، وقال: قال ابن عباس يقضي ما أنفق على الثمرة ثم يزكي ما بقي.[36]
فقد اتفق ابن عباس وابن عمر على قضاء الدين الذي أنفقه على الأرض والثمرة وزكاة الباقي فقط، واختلفا في الدين إذا كان على نفسه وأهله.
وكذلك روى أبو عبيد عن مكحول أنه قال في صاحب الزرع المدين: لا تؤخذ منه الزكاة حتى يقضي دينه، وما فضل بعد ذلك زكاه، إذا كان مما تجب فيه الزكاة، وكذلك يروي عطاء وطاووس، وقالت طائفة من أهل العراق بمثل ما جاء عن ابن عمر وعطاء وطاووس ومكحول.[37]
وعن الإمام أحمد بن حنبل روايتان: قال في إحداهما: من استدان ما أنفق على زرعه، واستدان ما أنفق على أهله، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله، لأنه من مؤنة الزرع، والرواية الثانية: أن الدين كله يمنع الزكاة.[38]
جاء في “المغني”: فعلى هذه الرواية يحسب كل دين عليه، ثم يخرج العشر مما بقي إن بلغ نصابا، وإن لم يبلغ نصابا فلا عشر فيه، وذلك لأن الواجب زكاة فيمنع الدين وجوبها.[39]
وقد روى يحيى بن آدم عن إسماعيل بن عبد الملك قال: قلت لعطاء: الأرض أزرعها، فقال: ارفع نفقتك، وزك ما بقي.[40]
على من تجب الزكاة في الأرض المستأجرة؟[41]
الزكاة على المالك إذا زرعها:
- فمالك الأرض إما أن يزرعها بنفسه إن كان من أهل الزرع فزكاة ما يخرج منها حينئذ -عشرا أو نصف العشر – عليه، لأن الأرض أرضه والزرع زرعه.
وإما أن يعيرها لغيره من أهل الزراعة يزرعها ويستفيد منها بدون مقابل، فالزكاة على الزارع الذي منح الأرض وانتفع بها بغير أجره ولا كراء.[42]
3- وإما أن يزارع عليها مزارعة صحيحة بربع ما يخرج منها أو ثلثه أو نصفه حسب اتفاقهما، فالزكاة على كل واحد من الطرفين في حصته إذا بلغت النصاب، أو كان له زرع آخر إذا ضم إليها بلغ نصابا، وإن بلغت حصة أحدهما النصاب دون صاحبه، فعلى من بلغت حصته النصاب زكاتها ولا شيء على الآخر، لأنه مالك لما دون النصاب، فلا يعد غنيا شرعا.[43]
الزكاة على المالك أم المستأجر:
4- وإما أن يؤجرها بالنقود أو بشيء معلوم.
فمن الذي يدفع العشر أو نصفه؟ مالك الأرض الذي يملك رقبتها (الأصل) وينتفع بما يتقاضاه من إيجارها؟ أم المستأجر الذي ينتفع بزراعتها وتخرج له الحب والثمر؟
مذهب الجمهور: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن العشر على المستأجر لأن العشر حق الزرع لا حق الأرض، والمالك لم يخرج له حب ولا ثمر، فكيف يزكي زرعا لا يملكه بل هو لغيره.
مذهب أبي حنيفة: العشر على المالك بناء على أصل عنده، أن العشر حق الأرض النامية لا حق الزرع، والأرض هنا أرض المالك، ولأن العشر من مؤنة الأرض فأشبه الخراج[44] ولأن الأرض كما تستنمى بالزراعة، تستنمى بالإجارة فكانت الأجرة مقصودة كالثمر، فكان النماء له معنى، مع تمتعه بنعمة الملك، فكان أولى بالإيجاب عليه.[45]
والذي رجحه الدكتور القرضاوي هو أن يشترك الطرفان في الزكاة، فقال: “إن العدل أن يشترك الطرفان في الزكاة كل فيما استفاده، فلا يعفى المستأجر إعفاء كليا من وجوب الزكاة كما ذهب أبو حنيفة، ولا المالك إعفاء كليا ويجعل عبء الزكاة كلها على المستأجر كما ذهب الجمهور.[46]
ومعتمده في ذلك ما نبه عليه الإمام ابن رشد حيث ذهب إلى أن الواجب في الأرض المزروعة ليس حق الأرض وحدها ولا حق الزرع فقط ولكنه حق مجموعها.[47]
زكاة العسل
قال تعالى: “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون” سورة النحل، الآية 69.
هل في العسل زكاة؟ ما الواجب في العسل وما نصابه؟
اختلف الفقهاء في حكم زكاة العسل على رأيين:
الرأي الأول: مذهب من لم يوجب في العسل زكاة وبه قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن أبي صالح وابن المنذر[48] واحتجوا بـ:
– أنه مائع خارج من حيوان، فأشبه اللبن، واللبن لا زكاة فيه بالإجماع.[49]
– ما قاله ابن المنذر أنه ليس في وجوب الصدقة فيه خبر يثبت ولا إجماع، فلا زكاة فيه.
الرأي الثاني: مذهب الحنفية والحنابلة: في العسل زكاة، قال الأثرم: “سئل أبو عبد الله يعني ابن حنبل: أنت تذهب إلى أن في العسل زكاة؟ قال نعم أذهب إلى أن في العسل زكاة، فقد أخذ عمر بن الخطاب منهم الزكاة، قلت: ذلك على أنهم تطوعوا به؟ قال: لا بل أخذه منهم”.[50]
وهو قول مكحول والزهري وسليمان بن موسى والإمام الأوزاعي وإسحاق، وحكاه في “البحر” عن عمر وابن عباس وعمر بن عبد العزيز والهادي والمؤيد بالله.[51] ولأصحاب هذا الرأي أدلة إليك بعضها:
1- ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم “أنه أخذ من العسل العشر”.[52]
2- روى أبو داود واللفظ له والنسائي عنه قال: جاء هلال أحد بني متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له، وكان سأله أن يحمي واديا يقال له “سلبة” فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي، فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك فكتب عمر: إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له “سلبة”، وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء. قال الحافظ في الفتح: إسناده صحيح إلى عمرو بن شعيب، وترجمة عمرو قوية على المختار.[53]
3- روى البيهقي عن سعد بن أبي ذباب أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على قومه، وأنه قال لهم “أدوا العشر في العسل، وأنه أتى به عمر فقبضه فباعه ثم جعله في صدقات المسلمين”. وفي رواية عنه قال: قال لقومه إنه لا خير في مال لا زكاة فيه.قال فأخذت من كل عشر قرب قربة، فجئت بها إلى عمر بن الخطاب فجعلها في صدقات المسلمين.[54] وروى الأثرم عنه: أن عمر أمره في العسل بالعشر.[55]
4- عن سليمان بن موسى: أن أبا سيارة المتعي قال: قلت يا رسول الله إن لي دخلا قال: فأد العشور، قلت يا رسول الله: احم لي جبلها، قال: فحمى لي جبلها”. رواه أحمد وابن ماجة. وقال الإمام الشوكاني: “أخرجه أيضا أبو داود والبيهقي، وهو منقطع لأن سليمان لم يدرك أحدا من الصحابة كما قال البخاري”.[56]
5- روى الترمذي من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “في العسل في كل عشرة أزقاق زق”. وفي إسناده صدقة السمين. وهو ضعيف الحفظ وقد خولف، وقال النسائي هذا حديث منكر.[57]
قال ابن القيم: “بعد أن ذكر هذه الأحاديث وتضعيف الآخرين لها: “ذهب أحمد وجماعته إلى أن في العسل الزكاة، رأوا أن هذه الآثار يقوي بعضها بعضا، وقد تعددت مخارجها واختلفت طرقها، ومرسلها يعضد بمسندها”.[58]
مقدار الواجب في العسل:
اتفق الموجبون لزكاة العسل على أن الواجب فيه العشر للآثار التي ذكرتها سلفا، وقياسا على الزرع والتمر.[59]
وهل ينظر فيه للكلفة والمؤنة أم لا؟
روى أبو عبيد بسنده عن عمر أنه قال: “في عشور العسل ما كان منه في السهل ففيه العشر، وما كان منه في الجبل ففيه نصف العشر”.[60]
فنظر إلى أن للكلفة والمشقة أثرا في تقليل الواجب كما في الزرع.
نصاب العسل:
لم ترد الآثار بحد معين في نصاب العسل لذلك اختلف الفقهاء فيه:
الإمام أبو حنيفة: يرى في قليل العسل وكثيره العشر.[61]
وقال أحمد بن حنبل: نصاب العسل عشرة أفراق وهي جمع فرق، والفرق عند الحنابلة ستة عشر رطلا، فيكون النصاب مائة وستين رطلا بالبغدادي، ومائة وأربعة بالمصري، والرطل عند الحنفية 130 درهما.[62]
ويشهد لذلك ما روي عن عمر رضي الله عنه أن أناسا سألوه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لنا واديا باليمن فيه خلايا من نحل، وإنا نجد ناسا يسرقونها، فقال عمر رضي الله عنه إن أديتم صدقتها عن كل عشرة أفراق فرقا حميناها لكم[63]. وهذا تقدير من عمر رضي الله عنه فيتعين المصير إليه، ورجح ابن قدامة أن الفرق ستة عشر رطلا بالعراقي، فيكون نصاب العسل مائة وستين رطلا.[64]
والذي عليه بعض الفقهاء هو أن يقدر النصاب بقيمة خمسة أوسق (أي 653 كيلوجرام أو 50 كيلة مصرية) من أوسط ما يوسق كالقمح باعتباره قوتا من أوساط الأقوات العالمية، وقد جعل الشارع الخمسة الأوسق نصاب الزروع والثمار، والعسل مقيس عليهما.
المنتجات الحيوانية كالقز والألبان ونحوها:
الناظر في الواقع الاقتصادي والزراعي للبلدان الإسلامية يلحظ أن حيوانات غير سائمة تتخذ للألبان خاصة، وتدر أرباحا وفيرة على أصحابها، وتعرف في بعض البلاد دود القز الذي يربى على ورق التوت ونحوه، وينتج ثروة من الحرير الفاخر، وتعرف مزارع الدواجن التي تنتج كميات كبيرة من البيض أو تسمن اللحم، ولم يشهد عصر الصحابة ولا بعدهم هذه الثروات النامية، لذلك لم يصدروا فيها حكما.
والذي رآه بعض أهل العلم في عصرنا هو أن تعامل المنتجات الحيوانية كالألبان وملحقاتها معاملة العسل فيؤخذ العشر من صافي إيرادها.[65]
واعتمدوا على القاعدة: ما لم تجب الزكاة في أصله تجب في نمائه وإنتاجه كالزرع بالنسبة للأرض، والعسل بالنسبة للنحل، والألبان بالنسبة للأنعام والبيض بالنسبة للدجاج والحرير بالنسبة للدود، وهذا ما ذهب إليه الإمام يحيى من فقهاء الشيعة، فأوجب الزكاة في القز كالعسل لتولدها من الشجر، لا في دوده كالنحل إلا إذا كان للتجارة.[66]
ومعتمد هؤلاء العلماء في زكاة المنتجات الحيوانية القياس، قياس المنتجات الحيوانية على العسل فقياس صحيح، ولا معارض له، فلا ينبغي العدول عنه”.
زكاة الثروة التجارية
يسمي الفقهاء الثروة التجارية عروض التجارة[67] ويعنون بها: كل ماعدا النقدين مما يعد للتجارة من المال، على اختلاف أنواعه، مما يشمل الآلات والأمتعة والثياب والمأكولات والحلي والجواهر والحيوانات والنباتات والأرض والدور وغيرها من العقارات والمنقولات.
وعرف بعضهم عروض التجارة تعريفا دقيقا فقال: “هي ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح”.
من ملك منها شيئا للتجارة وحال عليه الحول، وبلغت قيمته نصابا من النقود في آخر الحول وجب عليه إخراج زكاته، وهو ربع عشر قيمته أي 2.5 بالمائة كزكاة النقود.
أدلة وجوب زكاة التجارة
أولا: من القرآن، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض”. سورة البقرة، الآية 266
قال الإمام البخاري في كتاب الزكاة في صحيحه: باب صدقة الكسب والتجارة لقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم” وقال الإمام الطبري في تفسير الآية: “يعني بذلك جل ثناؤه زكوا من طيب ما كسبتم بتصرفكم، إما بتجارة أو بصناعة من الذهب والفضة، وروى من عدة طرق عن مجاهد في قوله “من طيبات ما كسبتم” قال: “من التجارة”.[68]
وقال الإمام أبو بكر بن العربي: قال علماؤنا قوله تعالى: “ما كسبتم” يعني التجارة” ومما أخرجنا لكم من الأرض” يعني النبات.[69]
وقال الإمام الرازي: “ظاهر الآية يدل على وجوب الزكاة في كل مال يكتسبه الإنسان، فيدخل فيه زكاة التجارة”.[70]
هذا فضلا عن عموم الآيات الأخرى التي أوجبت في كل مال حقا مثل قوله تعالى: “وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” سورة الذاريات، الآية 18.
وقوله أيضا: “والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم”. سورة المعارج، الآيات 23-24
وقوله أيضا: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”. سورة التوبة، الآية 102
ثانيا: من السنة ما رواه أبو داود بإسناده عن سمرة بن جندب، قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع”.[71] والأمر يدل على الوجوب.
روى الدارقطني عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته”. والبز كما في “القاموس” الثياب أو متاع البيت من الثياب ونحوها، فهو يشمل الأقمشة والمفروشات والأواني… ولا خلاف في أن الصدقة لا تجب في عين الأشياء إذا كانت للاستمتاع والانتفاع الشخصي، فلم يبق إلا أن تجب في قيمتها إذا كانت للاستغلال والتجارة.[72]
ثالثا: إجماع الصحابة والتابعين والسلف
ما رواه أبو عبيد بسنده عن عبد القاري (من قبيلة القارة) قال: “كنت على بيت المال زمن عمر بن الخطاب فكان إذا خرج العطاء جمع أموال التجار ثم حسبها شاهدها وغائبها ثم أخذ الزكاة من شاهد المال على الشاهد والغائب”.[73]
وعن أبي عمرو بن حماس عن أبيه: مربي عمر قال: “يا حماس: أد زكاة مالك، فقلت مالي مال إلا جعاب وأدم، فقال: “قومها قيمة ثم أد زكاتها”.[74] والجعاب جمع جعبة وهي ما يوضع فيه السهام ونحوها، والأدم جمع أديم وهو الجلد.
روى أبو عبيد عن ابن عمر: ما كان من رقيق أو بز يراد به التجارة ففيه الزكاة. وروى والبيهقي وابن حزم عنه قال: ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة، قال ابن حزم هو خبر صحيح.[75]
وروى أبو عبيد: وجوب زكاة التجارة عن ابن عباس أيضا، ولم ينقل عن واحد من الصحابة ما يخالف قول عمر وابنه وابن عباس، رضي الله عنهم بل استمر العمل على ذلك في عهد التابعين.
وكذلك اتفق فقهاء التابعين ومن بعدهم على القول بوجوب الزكاة في أموال التجارة، ونقل الإجماع على ذلك ابن المنذر وأبو عبيد.
قال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول، روى ذلك عمر وابنه وابن عباس، وبه قال الفقهاء السبعة[76] والحسن وجابر بن زيد وميمون بن مهران وطاووس والنخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد وإسحاق وأصحاب الرأي (أبو حنيفة وأصحابه) وهو مذهب مالك وأحمد”.[77]
شروط الزكاة في مال التجارة
1- العمل (هو البيع والشراء)
2-النية (هي قصد الربح)[78]
فلا يكفي في التجارة أحد العنصرين دون الآخر.[79]
أما السلع والعروض فيشترط لوجوب الزكاة فيها ما يشترط لزكاة النقود:
– حولان الحول.
– بلوغ النصاب: وقد رجح الفقهاء أن نصاب النقود في عصرنا المعين، الآن ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب.
– الفراغ من الدين.
– الفضل عن الحوائج الأصلية.
متى يعتبر كمال النصاب؟
هل يعتبر في آخر الحول فقط؟ أم يعتبر كماله في جميع الحول من أوله إلى آخره؟ أم يعتبر في أول الحول وآخره دون ما بينهما؟
أقوال ثلاثة للفقهاء:
– أولها: وهو قول مالك ونص الشافعي في “الأم”: “أنه يعتبر في آخر الحول فقط لأنه يتعلق بالقيمة، وتقويم العرض في كل وقت يشق، فاعتبر حال الوجوب وهو آخر الحول، بخلاف سائر الزكوات لأن نصابها من عينها فلا يشق اعتباره”.[80]
– القول الثاني: اعتبار النصاب في جميع الحول، فمتى نقص النصاب في لحظة منه، انقطع الحول، لأنه مال يعتبر له النصاب والحول، فوجب اعتبار كمال النصاب في جميع أيام الحول كسائر الأمور التي يعتبر فيها ذلك، وهذا قول الثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر.[81]
– القول الثالث: اعتبار النصاب في أول الحول وآخره دون ما بينهما، فإذا تم النصاب في الطرفين وجبت الزكاة، ولا يضر نقصه بينهما. وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه.
والذي رجحه القرضاوي قول مالك، والأصح عند الشافعي.[82]
إذن إذا حل موعد الزكاة فعلى التاجر المسلم أن يضم ماله بعضه إلى بعض رأس المال والأرباح والمدخرات والديون المرجوة، فيقوم بجرد تجارته، ويقوم قيمة البضائع إلى ما لديه من نقود سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها إلى ماله من ديون مرجوة القضاء، غير ميؤوس منها، ويخرج من ذلك كله ربع العشر 2.5 بالمائة، وأما الدين الذي انقطع الرجاء فيه، فقد رجحنا من قبل الرأي القائل بأن لا زكاة فيه، إلا إذا قبضه فيزكيه لعام واحد.[83]
تفريق مالك بين التاجر المحتكر والتاجر المدير:
هذا رأي جمهور الفقهاء، وانفرد الإمام مالك عن الجمهور برأي فرق فيه بين صنفين من التجار:
– التاجر المدير: هو الذي يبيع ويشتري بالسعر الحاضر، ولا ينضبط له وقت في البيع والشراء كتجارة البقالة والخردوات والأقمشة وغيرهم من أصحاب الحوانيت والطوافين بالسلع.
يرى مالك مع الجمهور أن يزكي عروضه وسلعه على رأس كل حول.
– التاجر المحتكر: هو الذي يشتري السلعة ويتربص بها رجاء ارتفاع السعر، كالذين يشترون العقار وأراضي البناء ونحوها ويتربصون بها مدة من الزمن، ويرصدون الأسواق حتى ترتفع أسعارها فيبيعوا.
يرى مالك: أن الزكاة لا يتكرر وجوبها عليه بتكرار الأعوام بل إذا باع السلعة زكاها لسنة واحدة وإن بقيت عنده أعوام.
قال ابن رشد وقال الجمهور الشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري والأوزاعي وغيرهم: المدير وغير المدير حكمه واحد، وأنه من اشترى عرضا للتجارة فحال عليه الحول قومه وزكاه”.[84]
العروض الثابتة لا تزكى:
المعتبر في رأس مال التجارة الذي يجب تزكيته، هو المال السائل أو رأس المال المتداول، أما المباني والأثاث الثابت للمحلات التجارية ونحوه مما لا يباع ولا يحرك، فلا يحتسب عند التقويم ولا تخرج عنه الزكاة، فقد ذكر الفقهاء أن المراد بعرض التجارة هو ما يعد للبيع والشراء لأجل الربح بدليل حديث سمرة: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع.[85] ولهذا قالوا: لا تقوم الأواني التي توضع فيها سلع التجارة ولا الأقفاص والموازين ولا الآلات كالمنوال والمنشار والقدوم والمحراث.
وفصل بعضهم فقالوا: في الأواني التي توضع فيها عروض التجارة كقوارير العطارين والغرائر والأكياس التي يستعملها تاجر الحبوب والسرج واللجم التي يستعملها تاجر الخيل ونحوها إن أريد بيعها مع هذه الأشياء فهي مال تجارة تقوم معها وإن لم يرد بيعها، بل تباع العروض وتبقى هي للاستعمال فلا تقوم، شأنها شأن العروض المقتناة.
بأي سعر تقوم سلع التجارة عند إخراج الزكاة؟
بعد تقويم السلع والبضائع التي حال عليها الحول ووجبت فيها الزكاة بأي سعر يقومها التاجر؟
أ- المشهور: أن تقوم بالسعر الحالي الذي تباع به السلعة في السوق عند وجوب الزكاة بها.
ب- ذكر ابن رشد: أن بعض الفقهاء قالوا: يزكي الثمن الذي اشترى به السلعة لا قيمتها، ولم يسم ابن رشد من قال بهذا ولا دليله.[86]
هل يخرج التاجر زكاته من عين السلعة أم من قيمتها؟
بعد تقويم السلعة التجارية فممن يخرج التاجر زكاته؟ هل يجوز أن يخرجها من البضاعة التي عنده أم يخرجها نقودا بقيمة الواجب؟
في ذلك عدة أقوال:
يروي أبو حنيفة والشافعي في أحد أقواله: أن التاجر مخير بين إخراج الزكاة من قيمة السلعة وبين الإخراج من عينها، فإذا كان تاجر ثياب يجوز أن يخرج من الثياب نفسها، كما يجوز أن يخرج من قيمتها نقودا، وذلك أن السلعة تجب فيها الزكاة فجاز إخراجها من عينها كسائر الأموال.[87]
وهناك قول ثان للشافعي أنه يجب الإخراج من العين ولا يجوز من القيمة.[88]
وقال الإمام المزني: “إن زكاة العروض من أعيانها لا من أثمانها”.[89]
وقال أحمد والشافعي في القول الآخر بوجوب إخراج الزكاة من قيمة السلع لا من عينها، لأن النصاب في التجارة معتبر بالقيمة، فكانت الزكاة منها كالعين في سائر الأموال.[90]
وقد رجح الدكتور القرضاوي الرأي الأخير، قال: “لمصلحة الفقير، فإنه يستطيع بالقيمة أن يشتري ما يلزم له، أما عين السلعة فقد لا تنفعه، فقد يكون في غنى عنها فيحتاج إلى بيعها بثمن بخس”.[91]
وقال القرضاوي أيضا: “ويمكن العمل بالرأي الأول في حالة واحدة بصفة استثنائية أن يكون التاجر هو الذي يخرج زكاته بنفسه، ويعلم أن الفقير في حاجة إلى عين السلعة فقد تحققت منفعته بها، والمسألة دائرة على اعتبار المصلحة وليس فيها نص”.[92]
زكاة الثروة المعدنية والبحرية
معنى المعدن، والكنز، والركاز.
المعدن لغة: الإقامة والثبوت.[93] قال ابن الهمام: “المعدن من العدن وهو الإقامة، يقال عدن فلان بالمكان ويعدن عدنا وعدوانا، إذا أقام به، وعدنت البلد توطنته… ومنه المعدن بكسر الدال وهو المكان الذي يثبت فيه الناس لأن أهله يقيمون فيه ولا يتحولون عنه شتاء ولا صيفا… ومنه جنات عدن ومركز كل شيء معدنه…”[94]
اصطلاحا: قال ابن الأثير: “المعادن: الموضع التي تستخرج منها جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس وغير ذلك، واحدها معدن “.[95]
وذكر ابن قدامة تعريفا دقيقا للمعدن فقال: “هو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة”.[96]
الكنز: هو المال المدفون، وركز الرمح في الأرض، وكل شيء غمزته في وعاء أو أرض فقد كنزته، واكتنز اجتمع وامتلأ…[97]
وجاء في المعجم الوسيط: “الكنز المال المدفون تحت الأرض.”[98]
وقيل الكنز ايم للمال إذا أحرز في وعاء…[99]
الركاز: من ركز، نقول ركز الرمح يركزه غرزه في الأرض، والمركز وسيط الدائرة وموضع الرجل ومحله، والركز بكسر الصوت الخفي…[100]
وقيل الركاز يعم المعدن والكنز وهو المال المركوز في الأرض أي المدفون فيها إما بفعل آدمي كالكنز وإما بفعل إلهي كالمعدن.[101]
وقيل الركاز شرعا: “مال وجد تحت الأرض سواء كان معدنا خلقيا أو كان كنزا مدفونا دفنه الكفار، وهذا مذهب الحنفية، وقال المالكية المعدن هو ما خلقه الله في الأرض من ذهب وفضة ونحاس ورصاص وغير ذلك، والركاز هو ما وجد في الأرض من دفائن أهل الجاهلية…”[102]
الكنوز المدفونة وما يجب فيها:
الكنوز هي ما دفنه القدماء في الأرض على اختلاف أنواعه، كالذهب والفضة والنحاس والآنية… فأوجب الفقهاء فيها الخمس على من وجدها لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وفي الركاز الخمس”.[103] والمدفون في الأرض ركاز بالإجماع لأنه مركوز فيها.[104]
وروى النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه بن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، فقال: ما كان في طريق مأتي (مسلوك) أو في قرية عامرة، فعرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فلك، وما لم يكن في طريق مأتى ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس.[105]
ودل الحديثان على أمور منها ما ذكره الدكتور القرضاوي[106] وإليك بعضها:
أ- أن ما يجده في موات أو أرض لا يعلم لها مالك فيه الخمس، ولو وجده على ظهر الأرض، أما ما يجده في ملك مسلم أو ذمي فهو لصاحب الملك.
ب- الجمهور على أن الركاز يشمل كل مال ركز ودفن في الأرض وخصه بالذهب والفضة، والأول هو الموافق لعموم الأحاديث.
ج- دل ظاهر الحديثين أن الخمس على الواجد سواء أكان مسلما أو ذميا صغيرا أم كبيرا، وإليه ذهب الجمهور. وقال الشافعي: لا يؤخذ من الذمي شيء بناء على أنه لا يجب إلا على من تجب عليه الزكاة لأنه زكاة.[107]
وقال ابن قدامة: “ولنا عموم قوله عليه السلام: “وفي الركاز الخمس”. فإنه يدل بعمومه على وجوب الخمس في كل ركاز يوجد، وبمفهومه على أن باقية لواجده من كان”.[108]
وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: “من قال من الفقهاء بأن في الركاز الخمس إما مطلقا أو في أكثر الصور فهو أقرب إلى الحديث”.[109]
هل يشترط بلوغ النصاب في الكنوز لزكاتها؟
ذهب الإمام مالك وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق والشافعي في القديم عدم اعتبار النصاب، ومعتمدهم ظاهر الحديث: “وفي الركاز الخمس” ولأنه مال مخموس فلا يعتبر له نصاب كالغنيمة، ولأنه كال ظهر عليه بغير جهد ومؤنة فلم يحتج إلى التخفيف بإعفاء القليل منه بخلاف المعدن والزرع.[110]
المعدن
في المستخرج من المعدن حق واجب
ذهب معظم أهل العلم إلى وجوب الزكاة مما يستخرج من المعدن مستندين إلى عموم قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض” سورة البقرة، الآية 267. ولا ريب أن المعادن مما أخرجه الله لنا من الأرض.
وقد اختلفوا في تحديد المعدن الذي يؤخذ منه هذا الحق:
1- مذهب الشافعي: المشهور عن الشافعي أنه يقصره على الذهب والفضة، أما غيرهما من الجواهر كالحديد والنحاس والرصاص والفيروز والبلور والياقوت والعقيق والزمرد والزبرجد والكحل وغيرها فلا زكاة فيها.
2- مذهب أبو حنيفة وأصحابه: أن كل المعادن المستخرجة من الأرض مما ينطبع بالنار، أما المعادن السائلة أو الجامدة التي لا تنطبع فلا شيء فيها عندهم.[111]
وإنما قالوا ذلك قياسا على الذهب والفضة اللذين ثبت وجوب الزكاة فيهما بالنص والإجماع، فيقاس عليهما ما أشبههما وذلك هو الذي ينطبع بالنار من المعادن.[112]
3-مذهب الحنابلة: أن لا فرق بين ما ينطبع وما لا ينطبع.
فالمعدن الذي يتعلق به الوجوب هو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة سواء كان جامدا كالحديد والرصاص والنحاس وغيرها أم من المعادن الجارية كالنفط والغاز والكبريت.[113]
سئل أبو جعفر الباقر عن الملاحة فقال: وما الملاحة؟ فقال السائل: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فقال هذا المعدن فيه الخمس.[114]
قال السائل والكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ فقال هذا وأشباهه فيه الخمس.
وقد جاء في “المغني” إذ لا فرق بين المعدن الجامد والمعدن السائل، ولا بين ما ينطبع وما لا ينطبع، لا فرق بين الحديد والرصاص وبين النفط والكبريت، فكلها أموال ذات قيمة عند الناس حتى ليسمى النفط في عصرنا (الذهب الأسود) ولو عاش أئمتنا رحمهم الله حتى أدركوا قيمة المعادن في عصرنا وما تجلبه من نفع وما يترتب عليها من غنى الأمم وازدهارها، لكان لهم موقف آخر فيما انتهى إليه اجتهادهم الأول من أحكام.[115]
مقدار الواجب في المعدن: الخمس أو ربع العشر
وقد اختلف العلماء في قدر الواجب في المعدن الخمس أو ربع العشر
أصحاب الرأي الأول: أبو حنيفة وأصحابه، وأبو عبيد وزيد بن علي والباقر والصادق وعامة فقهاء الشيعة زيدية وإمامية الواجب فيه الخمس.[116]
وأدلة هؤلاء:
1- المستخرج من الأرض نوعان: أحدهما يسمى “الكنز” وهو المال الذي دفنه بنو آدم في الأرض، والثاني يسمى “معدنا” وهو المال الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم خلق الأرض، والركاز اسم يقع على كل واحد منهما، إلا أن حقيقته للمعدن واستعماله للكنز مجاز.[117]
- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجد في الضرب العادي (القديم) فقال: “فيه وفي الركاز الخمس”.[118] والركاز عند هؤلاء المعدن.
- قياس المعدن على الغنائم الحربية أو اعتبارها نوعا منها، قالوا: لأن المعادن كانت في أيدي الكفرة، وقد زالت أيديهم عنها، ولم تثبت يد المسلمين على هذه المواضيع، لأنهم لم يقصدوا الاستيلاء على الجبال والمغاور، فبقي ما تحتها على حكم ملك الكفرة، وقد استولى عليه على طريق القهر بقوة نفسه، فيجب فيه الخمس، ويكون أربعة أخماسه له كما في غنائم الحرب.[119]
- قوله تعالى: “اعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل”. سورة الأنفال، الآية 41.
فأوجبت الآية الخمس فيما يغنم، والغنيمة لغة: كل ما يغنم. فيدخل في ظاهر الآية كل ما أخذ من ظاهر البر والبحر واستخرج من باطنهما.[120]
أصحاب الرأي الثاني: أحمد وإسحاق الواجب فيه ربع العشر، قياسا على قدر الواجب في زكاة النقدين بالنص والإجماع وهو ربع العشر، وهو قول مالك والشافعي.[121]
ودليل هؤلاء:
ما رواه مالك عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمان عن غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لهلال بن الحارث معادن القبلية (ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام) وهي من ناحية القرع (مكان بين نخلة والمدينة) فتلك المعادن لا تؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة.[122]
قال الشافعي في “الأم” بعد أن روى هذا الحديث: “ليس هذا مما يثبته أهل الحديث رواية، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه، وأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه”.[123]
أصحاب الرأي الثالث: ولمالك والشافعي رأي ﺁخر الواجب على قدر المؤنة.
فقد رأى الإمام مالك والشافعي إلى مقدار الجهد المبذول والنفقات والمؤنة في استخراج المعدن بالنسبة لقدر الخارج منه، فإن كان الخارج كثيرا بالنسبة إلى العمل والتكاليف فالواجب هو الخمس، وإن كان قليلا بالنسبة إليهما فالواجب هو ربع العشر.[124]
يقول الرافعي مدللا على هذا القول: “إن ما ناله من غير تعب ومؤنة فيه الخمس، وما ناله بالتعب والمؤنة ففيه ربع العشر جمعا بين الأخبار، وأيضا فإن الواجب يزداد بقلة المؤنة وينقص بكثرتها، ألا ترى أن الأمر كذلك في المسقى بماء السماء والمستقى بالنضح”.[125]
في نصاب المعدن ومتى يعتبر؟
قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لابد من اعتبار النصاب، وذلك أن يبلغ الخارج ما قيمته نصاب من النقود، واستدل هؤلاء بعموم الأحاديث التي وردت في نصاب الذهب والفضة مثل: “ليس فيما دون خمس أورق صدقة”. “ليس في تسعين ومائة شيء”.[126] وبإجماع فقهاء الأمصار على أن نصاب الذهب عشرون مثقالا.[127]
وذهب الإمام أبو حنيفة وأصحابه إلى وجوب حق المعدن في قليله وكثيره من غير اعتبار نصاب، بناء على أنه ركاز لعموم الأحاديث التي احتجوا بها عليه، ولأنه لا تعتبر له حول، فلن يعتبر له نصاب كالركاز.[128]
هل يشترط للمعدن حول؟
الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء أن حقه فيه بمجرد استخراجه والحصول عليه، ويخرجه بعد تصفيته وتميزه. قال الإمام مالك: “المعدن بمنزلة الزرع يؤخذ منه مثل ما يؤخذ من الزرع، يؤخذ منه إذا خرج المعدن من يومه ذلك، ولا ينتظر به الحول، كما يؤخذ من الزرع إذا حصد العشر، ولا ينتظر أن يحول عليه الحول”.[129]
وهو قول عامة العلماء من السلف والخلف كما ذكره الإمام النووي والمنصوص عليه في معظم كتب الشافعي والمصحح في مذهب أحمد.[130]
وخالف في ذلك إسحاق وابن المنذر وداود والمزني، أنه يشترط الحول[131] لحديث: “لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول”.[132]
والذي أيده صاحب “المغني” عدم اشتراط الحول لقوله: “لنا أنه مال مستفاد من الأرض، فلا يعتبر في وجوب حقه حول كالزرع والثمار والركاز (الكنوز) ولأن الحول إنما يعتبر في غير هذا لتكميل النماء، وهو يتكامل نماؤه دفعة واحدة، فلا يعتبر به حول كالزروع.[133]
المستخرج من البحر
اختلف الفقهاء فيما يستخرج من البحر من الطيب كالعنبر ومن الجواهر الكريمة كاللؤلؤ والمرجان ونحوها.
ذهب جمهور علماء الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في أحد روايته وهو قول أبي عبيد وأبي ثور إلى أن المستخرج من البحر من اللؤلؤ والعنبر والمرجان ونحوها لا شيء فيه من زكاة أو خمس.
ودليلهم في ذلك ما روي عن ابن عباس قال: “ليس في العنبر زكاة، إنما هو شيء دسره البحر”.[134]
ولذلك روي عن جابر بن عبد الله قال: “ليس في العنبر زكاة، إنما هو غنيمة لمن أخذه”.[135]
قال أبو عبيد: “فهذان رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يريا فيه شيئا”.[136]
وفي رواية أخرى عن أحمد وهو قول أبي يوسف “فيه الزكاة” لما روي عن ابن عباس أيضا أنه قال في العنبر: “إن كان فيه شيء ففيه الخمس”.[137]
قال القرضاوي: “معلقا على هذا الحديث” ويبدو أن ابن عباس عدل عن رأيه الآخر بعد واقعة معينة. فقد روى عبد الرزاق بسند صحيح عن إبراهيم بن سعد، وكان عاملا بعدن سأل ابن عباس عن العنبر، فقال: “إن كان فيه شيء فالخمس”. فلعل سؤال هذا الوالي في بلد مثل عدن قد يكثر فيه هذا النوع جعل ابن عباس يبدي رأيا آخر، والمجتهد تتغير فتواه باختلاف الأزمان والأحوال، وما يتراء له من المصالح والاعتبارات والله أعلم”.[138]
والحقيقة أن اجتهاد الدكتور القرضاوي في تأويل حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه مخالف لما ذهب إليه الأقدمون، وإليك الحديث كله:
أخبرنا أبوعبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن شيبان،[139] وأخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس أنبأنا الربيع أنبأنا الشافعي عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن العنبر: أفيه زكاة؟ فقال: “إن كان فيه شيء ففيه الخمس”. لفظ حديث الشافعي. وفي رواية بن شيبان قال: سئل ابن عباس عن العنبر أفيه زكاة ثم ذكر الباقي. فابن عباس علق القول فيه في هذه الرواية، وقطع بأن لا زكاة فيه في الرواية الأولى، فالقطع أولى. والله أعلم.[140]
وإيجاب الخمس في العنبر واللؤلؤ مروي أيضا عن بعض التابعين، روى ذلك أبو عبيد عن الحسن البصري وعن ابن شهاب الزهري[141]، وكذلك روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ من العنبر الخمس.[142]
وفي رواية عن أحمد: “أن فيه الزكاة لأنه خارج من معدن، فأشبه الخارج من معدن البحر”.[143]
ونفس الحكم ينطبق على ما يصطاد من السمك، فقد روى أبو عبيد عن يونس بن عبيد قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله على عمان: “أن لا يأخذ من السمك شيئا حتى يبلغ مائتي درهم، فإذا بلغ مائتي درهم فخذ منه الزكاة”.[144]وقد روى ذلك عن أحمد أيضا.[145]
لائحة المصادر والمراجع
* القرآن الكريم
* السيرة النبوية لأبي محمد عبد الملك بن هشام المكتبة التوفيقية.
* غريب الحديث لأبي القاسم بن سلام ط. حيدر آباد.
* لسان العرب لجمال الدين أبي الفضل بن منظور الأنصاري، ط. بيروت 1956.
* الفواكه الدواني لأحمد بن غنيم النفزاوي المالكي، دار الفكر، بيروت الطبعة الأولى 2002.
* القوانين الفقهية لابن جزي. دار المعرفة، الدار البيضاء، المغرب.
* المهذب لأبي إسحاق الشيرازي، ط المنير به.
* المعني لابن قدامة المقدسي، ط، المنار الثانية.
* فتاوى ابن تيمية، مطبعة كردستان العلمية بالقاهرة، 1326ه.
* الفروع للعلامة ابن مفلح مطبوع مع تصحيح الفروع لأبي الحسن المرداوي الحنبلي، دار عمر للطباعة، ط. الثانية 1389ه.
* المحلى للإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ط. المنيرية، تحقيق الشيخ أحمد شاكر.
* فتاوى الإمام محمد رشيد، ط. دار الكتاب الجديد، بيروت.
* الفقه على المذاهب الأربعة، تأليف لجنة بإشراف وزارة الأوقاف، ط. الخامسة، القاهرة.
* مقارنة المذاهب في الفقه محمود شلتوت ومحمد علي السايس، ط صبيح، 1373 ه.
* فقه الزكاة للدكتور القرضاوي ط. الرابعة 1420ه/2000م.
* الرسالة للإمام الشافعي، تحقيق أحمد شاكر، ط. مصطفى البابي الحلبي.
* الأحكام في أصول الأحكام للإمام ابن حزم، ط. المطبعة المنيرية.
* إعلام الموقعين عن رب العالمين للإمام ابن القيم، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان.
* الموافقات في أصول الفقه للإمام الشاطبي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان.
* إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي، ط. عيسى الحلبي.
* حجة الله البالغة للإمام أحمد بن عبد الرحبم الدهلوي ط. القاهرة.
* العدالة الاجتماعية في الإسلام للإمام سيد قطب، ط. الخامسة عيسى الحلبي.
* سنن أبي داود للإمام سليمان بن الأشعت السجستاني، ط. السعادة، القاهرة.
* سنن ابن ماجة للإمام ابن ماجة، ط عيسى الحلبي.
* جامع الترمذي مع شرحه عارضة الأحوذي لابن العربي.
* سنن النسائي للإمام أبي عبد الرحمان بن شعيب ط. القاهرة.
* مشكل الآثار للإمام أبي جعفر الطحاوي، حيدر أباد 1333.
* معالم السنن للإمام أبي سليمان الخطابي، مطبعة أنصار السنية.
* المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله محمد بن عبد الله المشهور بالحاكم النيسابوري، ط: حيدر أباد.
* الجرح والتعديل لابن حاتم الرازي، ط. حيدر أباد.
* السنن الكبرى للحافظ أبي بكر أحمد البيهقي، ط. حيدر آباد.
* عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، مطبعة السنة المحمدية تحقيق أحمد شاكر.
* منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار لأبي البركات بن تيمية، ط. القاهرة.
* الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، ط مصطفى الحلبي.
* شرح النووي على صحيح مسلم للإمام النووي، ط. القاهرة.
* الإحكام: شرح عمدة الأحكام للإمام أبي الفتح بن علي تقي الدين بن دقيق العيد، المطبوع مع العمدة.
* ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي، ط، عيسى الحلبي، القاهرة.
* فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، المطبعة الخيرية 1319ه.
* بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، دار المعرفة، الطبعة الأولى 1418ه/1997م الدار البيضاء المغرب.
* تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر العسقلاني، طبع بالهند.
* الجامع الصغير من حديث البشير النذير للجلال السيوطي، ط. مصطفى البابي.
* الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة للعلامة محمد عبد الحي اللكنوي الهندي، المطبعة السورية، حلب.
* سلسلة الأحاديث الصحيحة لمحمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق.
* سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة لمحمد ناصر الدين الألباني، ط. القاهرة.
* فتح القدير لابن الهمام، ط. القاهرة.
* مجمع الأنصر شرح ملتقى الأبحر لشيخ زادة، ط. استانبول.
* المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس برواية الإمام سحنون المطبعة الخيرية ط. الأولى 1324.
* الرسالة لابن أبي زيد القيرواني، ط. القاهرة.
* مختصر خليل للعلامة أبي الضياء خليل بن إسحاق، مطبوع مع شرح الدردير وحاشية الدسوقي.
* الأم للإمام محمد الشافعي، ط: المطبعة الأميرية ببولاق.
* الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الحنبلي، ط. مصطفى البابي الحلبي، 1356ه.
* السيرة النبوية لأبي محمد عبد الملك بن هشام، المكتبة التوفيقية.
* تاريخ الأمم والملوك للإمام أبي جعفر الطبري، المطبعة الحسنية.
* البداية والنهاية للحافظ أبي الفداء بن كثير، ط. مطبعة السعادة.
* غريب الحديث لأبي القاسم بن سلام ط. حيدر أباد.
* نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار للإمام محمد بن علي الشوكاني، ط. المنيرية.
* الكتاب المقدس (العهد القديم والعهد الجديد) الطبعة الأولى 2002.
* القوانين الفقهية لابن جزي، دار المعرفة، الدار البيضاء-المغرب.
* المسند للإمام أحمد بن حنبل ط. دار المعارف بتحقيق أحمد محمد شاكر.
* الجامع الصحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري مطبوع مع فتح الباري.
* صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج القشيري مع شرح النووي المطبعة المصرية بالأزهر.
* التفسير الكبير المسمى مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازي، المطبعة المصرية 1938.
* بداية المجتهد ونهاية المقتصد للقاضي الفيلسوف ابن رشد الحفيد مطبعة الاستقامة.
* زاد المعاد في هدى خير العباد للإمام ابن القيم مطبعة السنة المحمدية.
* الموطأ للإمام مالك بن أنس علي هامش شرحه المنتقى للباجي، مطبعة السعادة.
* لسان العرب للعلامة جمال الدين أبي الفضل محمد بن منظور ط. بيروت 1956.
* القاموس المحيط لمجد الدين الفيروز آبادي.
*غريب الحديث لأبي القاسم بن سلام، ط حيدر اباد.
[1]– بداية المجتهد (45/3) ونيل الأوطار (46/3)
[2]– وزاد ابن ماجة “الذرة”. سنن ابن ماجة، باب: ما تجب فيه الزكاة من الأموال، وسنن الدارقطني باب: ما يجب فيه الزكاة من الحب.
[3]– رواه النسائي (65/3)
[4]– بداية المجتهد (80/3)
[5]– الموطأ (85/1)
[6]– نقل هذه الأقوال القرطبي في تفسيره (103/8)
[7]– شرح الخرشي على خليل مع حاشية العدوى (128/2)
[8]– تفسير القرطبي (103/8)
[9]– ج (25/8)
[10]– بدائع الصنائع (59/2) وفقه الزكاة (455/1)
[11]– وهو حديث متفق عليه.
[12]– صحيح البخاري باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء.
[13]– فقه الزكاة (322/1)
[14]– عرض القرضاوي لأقوال الفقهاء في التوفيق بين الحديثين (324/323/1)
[15]– الحديث ضعيف.
[16]– المجموع (448/5)
[17]– مسلم أحمد الترمذي وابن ماجة، انظر سنن الترمذي (85/1)
[18]– بالنسبة للمغاربة نصاب الحبوب 653 كيلوغرام تقريبا فيها 2.5 بالمائة والله أعلم.
[19]– فقه الزكاة (385/1)
[20]– الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، باب أفراد البخاري.
[21]– صحيح مسلم، باب ما فيه العشر.
[22]– صحيح مسلم، باب ما فيه العشر.
[23]– المغني (299/2)
[24]– المغني (800/2)
[25]– الشرح الكبير (587/5)
[26]– معالم السنن (1215/3)
[27]– ورد العلماء على أبي حنيفة بأن الأمر ليس كذلك بل هو اجتهاد في معرفة مقدار الثمار وإدراكه بالحرص الذي هو نوع من المقادير والمعايير كما يعلم ذلك بالمكاييل والموازين، وإن كان بعضها أحصر من بعض.
[28]– مختصر السنن المنذري (1213/2)
[29]– الحديث في انقطاع وهو مرسل لكنه اعتضد بعمل الصحابة وغيره من الأحاديث، وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة (184)
[30]– التلخيص
[31]– متفق عليه من حديث أبي حميد الساعدي.
[32]– مختصر السنن (213/2)
[33]– المغني (811/815/2)
[34]– البحر الزخار (182/2)
[35]– الأموال (509)
[36]– الخراج (172)
[37]– الأموال (509)
[38]– المغني (828/2)
[39]– المغني (828/2)
[40]– رواه ابن أبي شيبة في الخراج (121)
[41]– بداية المجتهد (24/23/3)
[42]– المغني (827/2)
[43]– المغني (827/2)
[44]– المغني (827/2)
[45]– فتح القدير (8/2)
[46]– فقه الزكاة (401/1)
[47]– بداية المجتهد ونهاية المقتصد (63/3)
[48]– نيل الأوطار (142/4) وبداية المجتهد (88/3) تحت مسمى ” القول في زكاة ما يخرج من الحيوان العسل”.
[49]– المغني (813/2)
[50]– المغني (813/2
[51]– نيل الأوطار (142/4)
[52]– أخرجه البيهقي (122/4) وقد أورد له ابن حجر شواهد تقويه التلخيص (128/2)
[53]– فتح الباري (223/3)
[54]– وفي إسناد هذه الأحاديث رجال تكلم فيهم بضعف نيل الأوطار (142/4) والتلخيص (180)
[55]– المغني (814/2)
[56]– نيل الأوطار (142/4)
[57]– السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، باب ما أخرجت الأرض في نصاب الجامع الصحيح (45/3) وسنن النسائي (34/2)
[58]– زاد المعاذ (312/1)
[59]– المغني (813/1)
[60]– الأموال (491)
[61]– بدائع الصنائع (21/1)
[62]– فتح التقدير (232) والمغني (214/2)
[63]– ابن قدامة: المغني (814/2) والمصنف لعبد الرزاق (14/4)
[64]– المغني (815/814/2) فقه الزكاة (429/428/1)
[65]– فقه الزكاة (430/1)
[66]– البحر الزخار (183/2)
[67]– ذكرها ابن رشد تحت مسمى القول في زكاة العروض المتخذة للتجارة (80/6)
[68]– تفسير الطبري (555/5)، رواه البخاري، كتاب الزكاة.
[69]– أحكام القرآن (235/1)
[70]– التفسير الكبير (25/2)
[71]– سنن أبي داود باب: العروض إذا كانت للتجارة.
[72]– الدارقطني (152/2)
[73]– المحلى (34/2)
[74]– الأم (27/2)
[75]– المحلى (234/5)
[76]– الفقهاء السبعة: ابن المسيب، عروة بن الزبير القاسم بن محمد، أبو بكر بن عبد الرحمان، سليمان بن يسار، عبيد الله بن عبد الله بن عتيه زيد بن خارجة.
[77]– الأموال (429)
[78]– فليس كل ما يشتريه الإنسان من أشياء وأمتعة وعروض يكون مال تجارة، فقد يشتري ثيابا للبسه أو أثاثا لبيته، أو دابة أو سيارة لركوبه فلا يسمى شيء من ذلك عرض تجارة بل عرض قنية أي استعماله الشخصي، بخلاف ما لو شرى شيئا من ذلك بقصد بيعه والربح منه.
[79]– فقه الزكاة (321/1)
[80]– المجموع (55/1)
[81]– المغني (32/3)
[82]– فقه الزكاة (331/330) مهم للمزيد من التوضيح
[83]– فقه الزكاة (333/1)
[84]– بداية المجتهد (111/3)
[85]– سنن أبي داود، باب: العروض إذا كانت للتجارة.
[86]– بداية المجتهد (112/1)
[87]– المغني (31/3)
[88]– الروضة (283/2)
[89]– بداية المجتهد (113/1)
[90]– المغني (31/2)
[91]– فقه الزكاة (338/1)
[92]– فقه الزكاة (338/1)
[93]– لسان العرب (324/228)، 143/1)، 28/1)
[94]– فتح القدير (538/1) والقاموس المحيط (248/4)
[95]– النهاية (72/3)
[96]– المغني (23/3)
[97]– القاموس المحيط (282/1)
[98]– المعجم الوسيط (800/2) ولسان العرب (401/5)
[99]– لسان العرب (401/5)
[100]– القاموس المحيط (258/1)
[101]– التعاريف (383/1)
[102]– تعريفات ومصطلحات فقهية في لغة معاصرة (301/1)
[103]– أخرجه البخاري، كتاب المساقاة، باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن، ومسلم، كتاب الحدود، باب جرح العجماء والمعدن، وأبو داود كتاب الخراج والإمارة والفيء باب ما جاء في الركاز وما فيه ورواه كثر
[104]– نيل الأوطار (148/4)
[105]– سنن النسائي باب المعدن.
[106]– فقه الزكاة (434/1)
[107]– نيل الأوطار (148/4)
[108]– المغني (23022/3)
[109]– نيل الأوطار (148/4)
[110]– المغني (21/20/3)
[111]– المرقاة (149/4)
[112]– بداية المجتهد (84083/82/3)
[113]– البحر الزخار (21/2)
[114]– جواهر الكلام (120/119/2)
[115]– المغني (24/3)
[116]– بداية المجتهد ونهاية المقتصد (88/3)
[117]– بدائع الصنائع (25/2)
[118]– سبق تخريجه.
[119]– البدائع (28/2)
[120]– البحر الزخار (214/209/2)
[121]– بداية المجتهد (78/3)
[122]– الموطأ بهامش المنتقى (101/2)
[123]– الأم (43/2).
[124]– الشرح الكبير للرافعي على الوجيز للغزالي مع المجموع للنووي (88/2)
[125]– المرجع نفسه.
[126]– هذين الحديثين سبق تخريجهما في زكاة الذهب والفضة.
[127]– بداية المجتهد (115/3)، (78/3)
[128]– بداية المجتهد (78/3) و (115/3)
[129]– الموطأ مع المنتقى (104/2) وبداية المجتهد (78/3)
[130]– المجموع (81-2) المغني (22/3)
[131]– بداية المجتهد (78/3)
[132]– السنن الكبرى باب: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، وسنن ابن ماجة باب من استفاد مالا وغيرهما.
[133]– المغني (22/3)
[134]– مصنف ابن أبي شيبة، باب من قال ليس في العنبر زكاة، والسنن الكبرى باب ما لا زكاة فيه، الأموال ص 346 والمغني (282/3)
[135]– مصنف ابن أبي شيبة، باب في اللؤلؤ والزمرد.
[136]– الأموال (ص 346)
[137]– الأموال (346) والمغني (28-3) وفتح القدير (5421) والحديث من مصنف ابن أبي شيبة باب في اللؤلؤ والزمرد.
[138]– فقه الزكاة (353/352)
[139]– المقصود تحويل. وهي حروف يستعملها أهل الحديث.
[140]– سنن البيهقي الكبرى باب ما لا زكاة فيه مما أخذ منه (142/4)، البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار (589/5)
[141]– الأموال (346)
[142]– التلخيص (184)
[143]– المغني (28/3)
[144]– الأموال (348)
[145]– المغني (28/3)
1 التعليق
عبد العزيز أوخردي
15/07/2024, 8:49 مالسلام عليكم.
الردأحسن الله إليك أخي و أستاذي ابريز و نفع بك الأمة.