728 x 90

إضاءات لتقريب فقه الزكاة الحلقة الأولى, الدكتور توفيق ابريز

إضاءات لتقريب فقه الزكاة الحلقة الأولى, الدكتور توفيق ابريز

إضاءات لتقريب فقه الزكاة

الدكتور توفيق ابريز

وضع الفقراء في الحضارات السابقة

عرف الإنسان الفقر وقلة اليد والحرمان منذ أزمنة قديمة، وعرف التاريخ وجود الفقراء والمحرومين منذ عهود سحيقة، فكان الفقر نقطة ضعف سوداء في جبين الإنسانية، يقول الأستاذ محمد فريد وجدي مبينا تاريخ العلاقة بين الأغنياء الواجدين والفقراء المحرومين: “في أي أمة من الأمم أحال الباحث نظره وجد طبقتين من الناس لا ثالث لهما الطبقة الموسرة، والطبقة المعسرة، ووجد بإزاء هذا أمرا جديرا بالملاحظة وهو أن الطبقة الموسرة تتضخم إلى غير حد، والطبقة المعسرة لا تفتأ تهزل حتى تلتصق بأديم الأرض، فيتداعى البناء الاجتماعي لوهن أساسه، وربما لا يدري المترفون من أي النواحي خر عليهم السقف.[1]

فعبر السنين تجد أناسا قد عضهم الفقر بأنيابه، وسلبتهم الحاجة حريتهم، وقد أخذ حقهم الأغنياء، فتجد من يضع يده على بطنه فيشكو من عضة الجوع وبجانبه من يضع يده على بطنه فيشكو من زحمة التخمة، وإذا نظرت إلى التاريخ ستجد أن مصر كانت في “عهدها القديم” جنة الله في الأرض تعمها الخيرات على كل المستويات، لكن الطبقة الفقيرة فيها كانت لا تجد ما تأكله، لأن الطبقة الموسرة كانت تستولي على كل الخيرات، فلا تترك لهم غير حثالة لا تسمن ولا تغني من جوع، فلما أصابتها المجاعة على عهد الأسرة الثانية عشرة باع الفقراء أنفسهم للأغنياء، فأذاقوهم عذاب الهون.

وفي”مملكة بابل” كان الأمر على ما كان عليه في مصر لاحظ للفقراء من خيرات بلادهم.

أما لدى “اليونان الأقدمين” فكان الأمر نفسه، فقد كانوا يسوقون الفقراء بالسياط إلى أقذر الأعمال، فهم معاول بناء وهدم وجلب المنفعة للأغنياء فقط.

أما في “إسبارطة” من ممالكهم فقد ترك الموسرون للمعسرين الأرض التي لا تصلح للإنبات، فذاقوا ألوان الفاقة والضيم والجبروت ما لا يخطر على بال إنسان.

وكان الأغنياء في “أثينا” يتحكمون في الفقراء، ويبيعونهم كالقطيع، ويصلبونهم إذا خالفوا أوامر ساداتهم.

أما في “روما” مهد الشرائع والقوانين فقد كان الأغنياء سادة على العامة، متميزين عنهم تميزا يجعل العامة بإزائهم كالطائفة المنبوذة لدى الهنديين وما كانوا يرضخون لهم بصبابة إلا بعد أن ينال منهم الإعياء، فيهجرون المدن، قال العلامة “ميشليه”عن وضع المملكة الرومانية من هذه الناحية: “كان الفقراء يزدادون كل يوم فقرا، والأغنياء يزدادون غنى، وكانوا يقولون: ليهلك الوطني وليمت جوعا إذا لم يستطع أن يذهب إلى مساحات القتال… فلما زالت الدولة الرومانية، وقامت على أنقاضها المماليك الأوربية ازدادت حالة الفقراء سوءا فكانوا في جميع أصقاعها يباعون كالماشية مع أراضيهم”.[2]

هذا فيض من غيض ونزر من بحر عن وضع الفقراء خلال تلك القرون الغابرة، وهذا هو موقف الأغنياء منهم، فماذا صنعت الشرائع الدينية لإصلاح وضع الفقراء، وتقريب الشقة بينهم وبين الأغنياء ؟

 

الفقراء في الحضارات السابقة

 

قبل أن أخوض في تفاصيل أحكام الزكاة يحسن بي أن أعرض لما كان عليه الفقراء والطبقات الضعيفة في المجتمع قبل الإسلام، وإلى أي حد اهتمت الشرائع والديانات السابقة برعاية حاجتهم وعلاج مشكلاتهم حتى نعرف بالموازنة كيف سبق الإسلام كل الديانات والمذاهب بعلاج هذا الجانب العام علاجا جذريا أصيلا، فأحرز قصب السبق في رد الاعتبار للفقراء والمساكين، وأقام بنيان العدل والتكافل الاجتماعي على أرسخ القواعد وأمتنها.

 

معاملة الفقراء في الكتب السماوية

1- الفقراء في التوراة

جاءت نصوص في التوراة تشدد على إعطاء الفقراء حقهم، وبيان ثواب المعطي عند الرب منها:

– الصالح العين، هو يبارك لأنه يعطي من خبزه للفقير.[3]

– مَن يعطي للفقير لا يحتاج، ومن يحجب عنه عينيه، عليه لعنات كثيرة.[4]

– مَن يسد أذنيه عن صراخ المسكين فهو أيضا يصرخ ولا يستجاب له.[5]

– لا تقبض يدك عن أخيك الفقير، بل أفتح يدك له وأقرضه مقدار ما يحتاج إليه.[6]

2- الفقراء في الإنجيل

إذا نظرنا في الإنجيل نلحظ أنه اشتمل على كثير من الوصايا والتوجيهات الخاصة بالعطف على الفقراء والمساكين، والبر بالأرامل واليتامى والضعفاء، منها:

– في الفقرة 33 من الإصحاح 13 من إنجيل لوقا : “بيعوا مالكم وأعطوا صدقة”.

– وفي الفقرات 10-14 من إنجيل لوقا: “من له ثوبان فليعطي من ليس له، ومن له طعام فليفعل هكذا”.

– وفي الفقرة 41 من الإصحاح 11: “بل أعطوا ما عندكم صدقة…”

– وفي 41، 42 من الإصحاح 5 من إنجيل متى: “من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده”.

– وفي 42 من الإصحاح 10: “ومن سقى أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ، فالحق أقول لكم: إنه لا يضيع أجره”.

وما وصلنا عن كتب الأديان السماوية في القرﺁن الكريم يؤكد أن تلك الأديان قد حرصت على البر بالفقراء والضعفاء بشكل أعمق أثرا من كل الفلسفات الوضعية، قال تعالى على لسان أنبياء الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب: “وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا، وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين” سورة الأنبياء، الآية 73.

ويتحدث عن إسماعيل فيقول: “واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا” سورة مريم،الآية 54- 55.

وتحدث القرآن عن بني إسرائيل في قوله تعالى: “وإذا أخدنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة” سورة البقرة، الآية 82.

وعلى لسان المسيح عيسى في المهد: “وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا” سورة مريم،الآية 31.

وعن أهل الكتاب بقوله تعالى: “وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة وذلك دين القيمة” سورة البينة، الآية 5.

 

 

عناية الإسلام بعلاج الفقر والفقراء لم يسبق لها نظير

فالدعوة في البداية لم تجد قلبا رحبا كما وجدته عند الفقراء، ولذلك اهتم الله بهم منذ العهد المكي،فاعتبر إطعام المسكين من لوازم الإيمان، قال تعالى: “كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في صقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين” سورة المدثر، الآية 45.

كما وردت عبارة إيتاء الزكاة في مكة نقرأ قوله تعالى: “فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون وما آتيتم من ربا لتربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون” سورة الروم، الآية 37-38.وقال تعالى: “والذين هم للزكاة فاعلون” سورة المؤمنون، الآية 4.

الزكاة في العهد المدني

فرضت في شوال من السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر، لأن الصحيح أن زكاة الفطر فرضت قبل العيد بيومين بعد فرض رمضان، وهي من الشرائع القديمة وليست من خصوصياتنا إلا باعتبار الكيفية المشتملة على الشرائط المعتبرة[7].

فالمعروف في تاريخ التشريع الإسلامي أن الزكاة فرضت في المدينة،فكيف يتفق هذا وذكر القرآن لها في آيات كثيرة من سوره المكية،أجاب الدكتور القرضاوي عن هذا في كتابه “فقه الزكاة” بالقول: إن الزكاة التي ذكرت في القرﺁن المكي، لم تكن هي بعينها الزكاة التي شرعت في المدينة وحددت نصبها ومقاديرها، وأرسل السعاة لجبايتها وصرفها وأصبحت الدولة المسؤولة عن تنظيمها، فالزكاة في مكة كانت زكاة مطلقة من القيود والحدود، وكانت موكولة إلى إيمان الأفراد وأريحيتهم وشعورهم بواجب الأخوة نحو إخوانهم من المؤمنين، فقد يكفي في ذلك القليل من المال، وقد تقتضي الحاجة بذل الكثير أو الأكثر”.[8]كما أن القرﺁن المدني أعلن وجوب الزكاة بصيغة الأمر الصريح،[9] ودعا بصورة واضحة إلى إيتائها فترى في سورة البقرة هذه العبارة: “وأقيموا الصلاة وﺁتوا الزكاة” الآية 11.وقال تعالى:”فإن تابوا وأقاموا الصلاة وﺁتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم” سورة التوبة،الآية 5.

  • السنة تؤكد ما جاء في القرﺁن الكريم

جاءت السنة بتأكيد ما جاء به القرﺁن من وجوب الزكاة وذلك منذ العهد المكي نجد جعفر بن أبي طالب المتحدث باسم المسلمين المهاجرين إلى الحبشة يخاطب النجاشي ويخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له فيما قال: “ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام”.[10]

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان.”[11]

وفي حديث جبريل المشهور حين جاء يعلم المسلمين دينهم بحسن السؤال: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما الإسلام ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتوتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.[12]

وفي حديث معاذ رضي الله عنه: “فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم”.[13]

 

في معنى الزكاة لغة وشرعا

لغة: مصدر “زكا” الشيء إذا نما وزاد،وفي لسان العرب: “وأصل الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء والبركة”، قال ابن قتيبة: “الزكاة من الزكاء، وهو النماء والزيادة، سميت بذلك لأنها تثمر المال وتنميه، يقال زكا الزرع، إذا بورك فيه”. وقال الأزهري: “سميت زكاة لأنها تزكي الفقراء، أي تنميهم، قال وقوله تعالى: “تطهرهم وتزكيهم بها” سورة التوبة، الآية 103 أي تطهر المخرجين، وتزكي الفقراء”.[14]

والزكاة في الشرع تطلق على الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين.[15]

وعرفها المالكية بأنها: “إخراج جزء مخصوص من مال مخصوص بلغ نصابا لمستحقه”. وعرفها الحنابلة بأنها: “حق واجب من مال مخصوص، لطائفة مخصوصة، وفي وقت مخصوص”.[16]

وعرفها الشافعية بأنها: “اسم لما يخرج عن مال أو بدن على وجه مخصوص”.أما الحنابلة فعرفوها بأنها: “اسم لفعل أداء حق يجب للمال، يعتبر في وجوبه الحول والنصاب”.[17]

معنى الصدقة[18]

والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقة حتى قال الإمام الماوردي: “الصدقة زكاة، والزكاة صدقة، يفترق الاسم ويتفق المسمى”. والشاهد على ذلك مجموع الأدلة الدالة على ذلك منها:

قال تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها” سورة التوبة، الآية 103.

وقوله تعالى: “ومنهم من يلزمك في الصدقات، فإن اعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون” سورة التوبة، الآية 58.

وقوله تعالى: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”سورة التوبة،الآية 60.

وفي الحديث الذي رواه الشيخان وغيرهما قوله صلى الله عليه وسلم: “ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس صدقة”.[19]

وعن ابن عباس أن معاذا رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم”.[20]

وهذه النصوص جاءت في شأن الزكاة عبر عنها بالصدقة، ومنها سمي العامل على الزكاة مصدقا لأنه يجمع الصدقات ويفرقها.

بيد أن العرف قد ظلم كلمة الصدقة، كما أشار إلى ذلك بعض أهل العلم، وأصبحت عنوانا على التطوع وما تجود به النفس على مثل المتسولين والشحاذين وذوي الحاجة.

الزكاة في القرﺁن الكريم

تكررت كلمة الزكاة معرفة في القرآن الكريم ثلاثين مرة (30) ذكرت في سبع وعشرين (27) منها مقترنة بالصلاة في آية واحدة، وفي موضع منها ذكرت في سياق واحد مع الصلاة وإن لم تكن في آيتها وذلك في قوله تعالى: “والذين هم للزكاة فاعلون” بعد آية واحدة من قوله تعالى: “والذين هم في صلاتهم خاشعون” سورة المؤمنون، الآيتان 3 و 4.

وقد وردت منكرة في آيتين، في سورة الكهف: “فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما”. الآية 81. وفي سورة مريم: “يا يحيى خذ الكتاب بقوة وﺁتيناه الحكم صبيا، وحنانا من لدنا وزكاة وأقرب رحما” الآيتين 12 و13.

والمتتبع للمواضع الثلاثين التي ذكرت فيها الزكاة يجد أن ثمانية منها في السور المكية وسائرها في السور المدنية.

أما كلمة “الصدقة” و”الصدقات” فقد وردت في القرآن اثنتي عشرة مرة كلها في القرآن المدني.

 

التحذير الشديد من منع الزكاة

العقوبة الدنيوية

لم تقف السنة النبوية عند حد الوعيد بالعذاب الأخروي لمن يمنع الزكاة بل هددت بالعقوبة الدنيوية الشرعية والقدرية كل من يمنع حق الله وحق الفقير في ماله، والعقوبة القدرية التي يتولاها القدر الأعلى كثيرة منها ما يدركه الإنسان ويلامسه ومنها ما لا يدركه ومن أهم هذه العقوبات:

– تولي سنوات من المجاعة والقحط لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما منع قوم الزكاة، إلا ابتلاهم الله بالسنين”.[21]

جمع سنة وهي المجاعة والقحط، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: ” …ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا”[22].

– هلاك المال وفساده لقوله صلى الله عليه وسلم: “ما خالطت الصدقة أو قال الزكاة، مالا إلا أفسدته[23]“.

 

العقوبة الأخروية

قال تعالى: “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون” سورة التوبة، الآية 34-35.

وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من أتاه الله مالا فلم يؤد زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزميته يعني بشدقيه، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية: “ولا يحسبن الذين يبخلون بما ﺁتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة” آل عمران، الآية 180.

وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ثم أحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره، في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة…”[24]

 

العقوبة الشرعية لمانع الزكاة

وفي العقوبة الشرعية القانونية التي يتولاها الحاكم أو ولي الأمر جاء قوله صلى عليه وسلم، في الزكاة: “من أعطاها مؤتجرا فله أجره، ومن منعها فإنا أخذوها، وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء”،[25]ويتضمن هذا الحديث جملة مبادئ:

أحدها: أن الأصل في الزكاة أن يعطيها المسلم مؤتجرا أي طالبا الأجر، ومحتسبا الثواب عند الله.

الثانية: أن من غلب عليه الشح وحب الدنيا، ومنع الزكاة لم يترك وشأنه، بل تؤخذ منه قهرا بسلطان الشرع، وقوة الدولة، وزيد عن ذلك فعوقب بأخذ نصف ماله تعزيزا وتأديبا لمن كتم حق الله في ماله وردعا لغيره أن يسلك سبيله.

ولم يقف الإسلام عند عقوبة مانع الزكاة بالغرامة المالية أو بغيرها من العقوبات التعزيرية بل أوجب سل السيوف وإعلان الحرب على كل فئة تتمرد على أداء الزكاة، وقد ثبت هذا بالأحاديث الصحيحة، ودليل ذلك:

ما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله”.[26]

وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي، وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله”.[27]

تدل هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن مانع الزكاة يقاتل حتى يعطيها ولم يبال في سبيل ذلك بقتل الأنفس، وإراقة الدماء التي جاء لصيانتها والمحافظة عليها، لأن الدم الذي يراق من أجل الحق لم يضع هدرا، والنفس التي تقتل في سبيل الله، وإقامة عدله في الأرض لم تمت ولن تموت.

وفي عهد الخليفة الأول لرسول الله تمردت قبائل شتى من العرب على أداء الزكاة، واكتفوا من الإسلام بالصلاة دون الزكاة، وظاهروا بموقفهم المرتدين المارقين الذين اتبعوا زعماءهم من أدعياء النبوة مثل مسيلمة الكذاب وقومه، وسجاح وقومها وطليحة الأسدي وقومه.

وكان موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه موقفا تاريخيا إذ يقبل التفرقة أبدا بين العبادة البدنية (الصلاة) والعبادة المالية (الزكاة).

ولندع الصحابي الجليل أبا هريرة رضي الله عنه يروي لنا هذا الموقف الرائع “لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب فقال عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل…” فقال: “والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا[28] كانوا يؤدونها لرسول الله لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فو الله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق”.[29]

وفي رواية “عقالا” بدل “عناقا”، والعناق الأنثى من أولاد المعز، والعقال الحبل الذي يعقل له البعير.

وقد قرر العلماء أن جاحد الزكاة كافر ومرق من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، قال الإمام النووي: “إذا امتنع من أداء الزكاة منكرا لوجوبها، فإن كان ممن يخفى عليه ذلك لكونه قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة أو نحو ذلك لم يحكم بكفره، بل يعرف وجوبها وتؤخذ منه، فإن جحدها بعد ذلك حكم بكفره، وإن كان ممن لا يخفى عليه ذلك كمسلم مختلط بالمسلمين صار بجحدها كافرا، وجرت عليه أحكام المرتدين من الاستتابة والقتل وغيرهما…”

وهذا الذي قرره النووي قرره كذلك ابن قدامة المقدسي وغيرهما من فقهاء الإسلام.

 

أوجه صرف الزكاة

إذا كان أمر الزكاة قد جاء في القرﺁن مجملا، فإنه تعالى قد عنى بصفة خاصة ببيان الجهات التي تصرف لها وفيها الزكاة، ولم يدعها لحاكم يقسمها وفق رأي قاصر أو هوى متسلط أو عصبية جاهلة، كما لم يدعها لمطامع الطامعين الذين لا يرعوون ولا يتورعون، قال تعالى: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم” سورة التوبة،الآية 60.

– صفة الفقير والمسكين: اختلف الفقراء في صفة الفقير والمسكين والفصل بينهما.

قال قوم: الفقير أحسن حالا من المسكين (وبه قال البغداديون من أصحاب مالك)[30] وقال آخرون: المسكين أحسن حالا من الفقير وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وقيل: هما بمعنى واحد.

وقيل: الفقير الذي يعلم به فيتصدق عليه، والمسكين الذي لا يعلم به، ويشهد لذلك ما رواه البخاري في كتاب الزكاة بسند صحيح عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس”.

– الفقراء: جمع فقير هو الذي لا يملك من المال ما يسد حاجته وحاجة من يعول.

– المساكين: جمع مسكين هو الذي لا يملك شيئا ولا يسأل الناس وهو أحوج من الفقير.

– العاملون عليها: السعاة الذين يتولون جمع الزكاة وتوزيعها.

المؤلفة قلوبهم: المسلمون حديثو العهد بالإسلام.

– في الرقاب: قال الإمام مالك: هم العبيد يعتقهم الإمام، ويكون ولاؤهم للمسلمين، وقيل في تحرير وعتق رقاب العبيد المسلمين من رق العبودية.

– الغارمين: المدنيين الذين عليهم دين في غير معصية الله ورسوله، ويتعذر عليهم تسديده.

– في سبيل الله: المراد العمل الموصل إلى مرضاة الله وجناته، ويشمل سائر المصالح الشرعية العامة.

– ابن السبيل: الغريب المحتاج لما يوصله لوطنه إذا سافر من بلده في غير معصية.

وذلك ما سنتطرق إليه بتفصيل.

 

الأصناف الثمانية

الصنف الأول: الفقير

الفقير عند الحنفية هو من يملك شيئا دون النصاب الشرعي في الزكاة، أو يملك ما قيمته نصاب أو أكثر من الأثاث والأمتعة والثياب والكتب ونحوها مما هو محتاج إليه لاستعماله والانتفاع به في حاجته الأصلية، والمسكين عندهم من لا يملك شيئا، وهذا هو المشهور.[31]

الفقير والمسكين عند الأئمة الثلاثة (مالك، الشافعي، أحمد) لا يدور الفقر والمسكنة على عدم ملك النصاب بل على عدم ملك الكفاية.

فالفقير من ليس له مال ولا كسب حلال لائق به، يقع موضعا من كفايته، من مطعم وملبس ومسكن، وسائر ما لابد منه، لنفسه ولمن تلزمه نفقته، من غير إسراف ولا تقتير، كمن يحتاج إلى عشرة دراهم كل يوم ولا يجد إلا أربعة أو ثلاثة أو اثنين.

الصنف الثاني: المسكين

المسكين من قدر على مال أو كسب حلال لائق يقع موضعا من كفايته، وكفاية ما يعوله، ولكن لا يتم به الكفاية كمن يحتاج إلى عشرة فيجد سبعة أو ثمانية، وإن ملك نصابا أو نصبا.

وحدد بعضهم ما يقع موقعا من كفايته بالنصف فما فوقه، فالمسكين هو الذي يملك نصف الكفاية فأكثر، والفقير هو الذي يملك ما دون النصف.[32]

فيكون المستحق للزكاة باسم “الفقر” أو “المسكنة” هو:

من لا مال له ولا كسب أصلا.

من له مال أو كسب لا يقع موقعا من كفايته وكفاية أسرته أي لا يبلغ نصف الكفاية أي دون 50 في المائة.

 

الغني الذي لا تجوز معه الصدقة[33]

إن الجمهور لا يجوز الصدقة للأغنياء إلا للخمس الذين نص عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، في قوله: “لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة، لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل له جار مسكين، فتصدق على المسكين، فأهدى المسكين للغني”.[34]

وروي عن ابن القاسم أنه لا يجوز أخذ الصدقة لغني أصلا مجاهدا كان أو عاملا.[35]

 

الغني المانع من أخذ الزكاة

اختلف الفقهاء في حد الغنى المانع من أخذ الزكاة ما هو؟

1- مذهب سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق بن راهوية[36]

ذهب سفيان وغيره إلى أن الغني الذي يحرم معه أخذ الزكاة والصدقات هو من ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب، أي ½ ربع نصاب من النقود، واستدلوا بحديث عبد الله بن مسعود قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سأل وله ما يغنيه جاءت يوم القيامة خموس[37] أو خدوش أو كدوح في وجهه، فقيل: يا رسول الله وما الغنى؟ قال: خمسون درهما أو قيمتها من الذهب”.[38]

2- مذهب أبي حنيفة:

يرى أن الغني الذي يحرم به أخذ الصدقة وقبولها أحد أمرين:

الأمر الأول: ملك نصاب زكوي من أي مال كان كخمس من الإبل السائمة أو مائتي درهم أو عشرين دينارا (أي 85 جراما من الذهب بتقدير اليوم)

الأمر الثاني: أن يملك من الأموال التي لا تجب فيها الزكاة ما يفضل عن حاجته ويبلغ قيمة الفاضل مائتي درهم، كمن يقتني من الثياب والفرش والأدوات والكتب والدور والحيوانات والدواب وغيرها، زيادة ما يحتاج إليه كل ذلك للابتذال والاستعمال لا للتجارة، فإذا فضل من ذلك ما يبلغ قيمته مائتي درهم حرم عليه أخذ الصدقة.

3- مذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد

أن الغني هو ما تحصل به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئا، وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وإن ملك نصابا بل نُصُبا، والأثمان وغيرها في هذا سواء، وهو ما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد في الرواية الراجحة عنه، قال الخطابي: قال مالك والشافعي: لا حد للغنى معلوم، وإنما يعتبر حال الإنسان بوسعه وطاقته، فإذا اكتفى بما عنده حرمت عليه الصدقة، وإذا احتاج حلت له.[39]

وقال الإمام الشافعي: “قد يكون الرجل بالدرهم غنيا مع كسب، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله”.[40]

ما يعطى للمسكين الواحد من الصدقة

اختلف العلماء في مقدار ما يعطى للمسكين الواحد من الصدقة.

– الإمام مالك لم يجد في ذلك حدا، وصرفه إلى الاجتهاد، وبه قال الإمام الشافعي قال: “سواء كان ما يعطي من ذلك نصابا أو أقل من نصاب”.

– وكره الإمام أبو حنيفة أن يعطي أحد من المساكين مقدار نصاب من الصدقة.

– وقال الثوري لا يعطى أحد أكثر من خمسين درهما.

– وقال الليث: يعطى ما يبتاع به خادما إذا كان ذا عيال، وكانت الزكاة كثيرة، وكان أكثرهم مجمعين على أنه لا يجب أن يعطى عطية يصير بها من الغني في مرتبة من لا تجوز له الصدقة، لأن ما حصل له من ذلك الحال فوق القدر الذي هو به أهل الصدقة صار في أول مراتب الغنى فهو حرام عليه.[41]

الصنف الثالث: العاملون عليها

ويقصد بهم كل الذين يعملون في الجهاز الإداري لشؤون الزكاة، من جباة وسعاة ومن خزنة وحراس، ومن كتبة وحاسبين يضبطون واردها ومصروفها، ومن موزعين وغيرهم، كل هؤلاء جعل الله أجورهم في مال الزكاة.

وهؤلاء العاملون على الزكاة لهم وظائف شتى، وأعمال مختلفة، كلها مرتبط بتنظيم أمور الزكاة، بإحصاء من تجب عليه، وفيما تجب، ومقدار ما يجب، ومعرفة من تجب له، وكم عددهم… إلى غير ذلك من الشؤون التي تحتاج إلى جهاز كامل من الخبراء وأهل الاختصاص ومن يساندهم.

وقد اشترط العلماء في العاملين في حقل الزكاة شروطا، إليك بعضها:

1- أن يكون مسلما (وللإمام أحمد في رواية عنه: وإن كان العامل غير مسلما)

2- أن يكون بالغا عاقلا،

3- أن يكون أمينا، أهلا للثقة والأمانة،

4- أن يكون مسلما بأحكام الزكاة.

ما يعطى للعامل

فلا خلاف عند الفقهاء أنه إنما يأخذ بقدر عمله.[42]

الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم

وهم المسلمون حديثو العهد بالإسلام، يراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام أو التثبيت عليه أو بكف شرهم عن المسلمين أو رجاء نفعهم في الدفاع عنهم أو نصرهم على عدولهم أو نحو ذلك.

والمؤلفة قلوبهم أقسام:

1- منهم من يرجى بعطيته إسلامه أو إسلام قومه وعشيرته كصفوان بن أمية، فقد روى مسلم والترمذي عن طريق سعيد بن المسيب عنه قال (أي صفوان): “والله لقد أعطاني النبي صلى الله عليه وسلم وإنه لأبغض الناس إلي، فمازال يعطيني حتى أنه لأحب الناس إلي.”[43] وقد أسلم وحسن إسلامه.

2- منهم من دخل حديثا في الإسلام، فيعطى إعانة له على الثبات على الإسلام.

3- منهم من يخشى شره ويرجى بإعطائه كف شره، وشر غيره معه، كما جاء عن ابن عباس أن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أعطاهم من الصدقات، مدحوا الإسلام وقالوا: هذا دين حسن، وإن منعهم ذموا وعابوا.[44]

4- ومنهم زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين مطاعون في أقوامهم ويرجى بإعطائهم تثبيتهم وقوة إيمانهم ومناصحتهم في الجهاد وغيره، كالذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم العطايا الوافرة، من غنائم هوازن، وهم بعض الطلقاء من أهل مكة الذين أسلموا فكان منهم المنافق، ومنهم ضعيف الإيمان، وقد ثبت أكثرهم بعد ذلك وحسن إسلامهم.[45]

5- ومنهم قوم من المسلمين في الثغور وحدود بلاد الأعداء يعطون لما يرجى من دفاعهم عمن وراءهم من المسلمين إذا هاجمهم العدو.

كل هذه الأنواع تدخل تحت عموم لفظ “المؤلفة قلوبهم” سواء أكانوا كفارا أم مسلمين.

هل حق المؤلفة باق إلى الآن، أم سقط بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم[46]

المذكور في مذهب المالكية قولان:

الأول: لا مؤلفة اليوم، فقد انقطع سهمهم بعز الإسلام وظهوره.

الثاني: بقاء حق المؤلفة قلوبهم.

وروى الطبري عن الحسن قال: “ليس اليوم مؤلفة”[47].

وقال القاضي ابن العربي: “الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج لهم أعطوا سهمهم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم”.[48]

وقال جمهور الحنفية انتسخ سهمهم وذهب، ولم يعطوا شيئا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعطى الآن لمثل حالهم، قال في البدائع: “وهو الصحيح لإجماع الصحابة على ذلك،فإن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ما أعطيا المؤلفة قلوبهم شيئا من الصدقات، ولم ينكر أحد من الصحابة رضي الله عنهم، فإنه روى أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين أبا بكر وسألوه أن يكتب لهم خطا بسهامهم، فأعطاهم ما سألوه ثم جاؤوا إلى عمر وأخبروه بذلك، فأخذ الخط منهما، ومحا ما فيه وقال لهما: “إن رسول الله كان يتألفكما والإسلام يومئذ قليل، وإن الله قد أغنى الإسلام، اذهبا فاجهدا جهدا كما لا يرعى الله إن رعيتما”[49]. وقد بلغ ذلك عامة الصحابة فلم ينكروا.

وذهب أحمد وأصحابه والشافعي إلى أن حق المؤلفة باق إلى اليوم إذا رأى الإمام ذلك،[50] ولم يلحقه نسخ ولا تبديل، كما أن الحاجة إلى تأليف القلوب لم تنقطع.

قال ابن قدامة المقدسي مؤيدا مذهب أحمد في بقاء سهمهم في مصاريف الزكاة: “لنا كتاب الله وسنة رسوله، فإن الله تعالى سمى المؤلفة قلوبهم في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء”.وكان يعطي المؤلفة كثيرا في أخبار مشهورة، ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال.[51]

الصنف الخامس: في الرقاب

اختلف العلماء في تعريف الرقاب.

قال مالك هم العبيد يعتقهم الإمام، ويكون ولاؤهم للمسلمين.

قال الشافعي وأبو حنيفة هم المكاتبون[52].

ويعد الإسلام أول نظام (دين) في الدنيا عمل على تصفية الرق وإلغائه من دنيا الناس بالتدريج وسد الأبواب المتعددة التي كانت مداخل للرق في العالم، فحرم أشد التحريم الاستعباد عن طريق اختطاف الأحرار كبارا أو صغارا ولم يبح بحال أن يبيع الإنسان نفسه أو بلده أو زوجته، ولم يشرع أبدا أخذ المدين رقيقا في دينه إذا عجز عن الوفاء به، ولا أخذ المجرم رقيقا بجريمته، كما عرف ذلك في شرائع سابقة ولا استرقاق الأسير في الغارات الظالمة التي تشنها القبائل والأمم بعضها على بعض بغيا وعدوانا.[53]

الصنف السادس: الغارمون

من هو الغارم؟ الغارم هو الذي عليه دين،

وأصل الغرم في اللغة اللزوم، والغريم هو الدائن.

والغارمون عند الإمام مالك والشافعي وأحمد نوعان:

غارم لمصلحة نفسه، وغارم لمصلحة المجتمع.

والغارم في مذهب أبي حنيفة من عليه دين ولا يملك نصابا فاضلا عن دينه.[54]

الغارمون لمصلحة أنفسهم: أي غارم استدان في مصلحة نفسه، كان يستدين في نفقة أو كسوة أو زواج أو علاج مرض أو بناء مسكن أو شراء أثاث أو تزويج ولد… فقد روى الطبري عن أبي جعفر – ونحوه عن قتادة – الغارم: المستدين في غير سرف، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم من بيت المال.[55]

فهذا النوع يعطى ما يقضي به دينه بشروط:

1- أن يكون في حاجة إلى ما يقضي به الدين، فلو كان غنيا قادرا على سداده بنقود أو عروض عنده لم يعط من الزكاة، ولو وجد ما يقضي به بعض الدين أعطي بقدر ما يقضي به الباقي فقط.[56]

2- أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح، أما لو استدان في معصية كخمر وزنى وقمار ومجون، وبسط أيد كل البسط فلا يعطى.

3- أن يكون الدين حالا، فإن كان مؤجلا فقط اختلف فيه.

قيل يعطى لأنه يسمى غارما فيدخل في عموم النص، وقيل لا يعطى لأنه غير محتاج إليه الآن.

الغارمون لمصلحة الغير: وهم أصحاب المروءة والهمم العالية، وهم الذين يغرمون لإصلاح ذات البين.

والغارم لإصلاح ذات البين يعطى من الزكاة لسداد غريمه، ولو كان هذا الإصلاح بين جماعتين من أهل الذمة.[57]

وإن كان النوع الأول قد استدانوا لمصلحة أنفسهم وأعينوا عليها، فهؤلاء قد استدانوا لمصلحة المجتمع وهو أولى بالمعونة.[58]

الصنف السابع: في سبيل الله

قال ابن الأثير: “السبيل في الأصل: الطريق، و”سبيل الله” عام يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله عز وجل… وإذا أطلق فهو في الغالب، واقع على الجهاد حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه.[59]

قال الإمام مالك وأبو حنيفة: سبيل الله مواضع الجهاد والرباط.

وقال غيره الحجاج والعمار.[60]

وقال الشافعي: هو الغازي جار الصدقة.[61]

واشترط جيران الصدقة لأنه لا يجوز عنده نقل الزكاة إلى غير بلد المال.

قال الإمام النووي:”وأما الغازي فيعطى النفقة والكسوة مدة الذهاب والرجوع، ومدة المقام بالثغر وإن طال…”[62]

مذهب الحنابلة: المراد بسبيل الله هم الغزاة المتطوعة الذين ليس لهم راتب أولهم دون ما يكفيهم فيعطى المجاهد منهم ما يكفيه لغزوه، ولو كان غنيا، وإن لم يغز بالفعل رد ما أخذه، ويتوجه عندهم أن الرباط على الثغور كالغزو، كلاهما في سبيل الله.[63]

واتفقت المذاهب الأربعة على أن الجهاد داخل في سبيل الله قطعا، وبعض العلماء توسعوا في مدلول سبيل الله، ليشمل الجمعيات الخيرية الإسلامية كبناء المساجد والمستشفيات ودور التعليم… وقيل المراد طلبة العلم.

الصنف الثامن: ابن السبيل

ابن السبيل عند جمهور العلماء كناية عن المسافر الذي يجتاز من بلد إلى بلده والسبيل الطريق.

وروى الطبري عن مجاهد قال:”لابن السبيل حق من الزكاة وإن كان غنيا إذا كان منقطعا به”، وعن ابن زيد قال: ابن السبيل المسافر، كان غنيا أو فقيرا، إذا أصيبت نفقته أو فقدت أو أصابها شيء، أو لم يكن معه شيء فحقه واجب.[64]

وإن عناية الإسلام بالمسافرين الغرباء والمنقطعين لهي عناية منقطعة المثيل لم يعرف لها نظير في نظام من الأنظمة أو شريعة من الشرائع، وهي لون من ألوان التكافل الاجتماعي، وقد دأب السلف على الاهتمام بابن السبيل، فهذا ابن سعد يروي لنا: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتخذ في عهده دارا خاصة، أطلق عليها “دار الدقيق” وذلك أنه جعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزبيب وما يحتاج إليه يعين به المنقطع به، والضيف ينزل بعمر، ووضع عمر في طريق السبيل بين مكة والمدينة ما يصلح من ينقطع به، ويحمل من ماء إلى ماء.[65]

ولإعطاء ابن السبيل من مال الزكاة شروط، من أهمها:

1- أن يكون محتاجا في ذلك الموضع الذي هو به إلى ما يوصله إلى وطنه، فإن كان عنده ما يوصله، فلا يعطى.

  • أن يكون سفره في غير معصية، والسفر الذي لا معصية فيه يشمل السفر للطاعة، والسفر للحاجة، والسفر للنزهة.

3- فأما سفر الطاعة كالحج والجهاد وطلب العلم النافع… فلا خلاف في إعطائه لأن الإعانة على الطاعة مطلوبة شرعا.

4- وأما السفر لحاجة دنيوية كالسفر للتجارة وطلب الرزق ونحوه فإنه يعطى أيضا بلا خلاف، لأن فيه إعانة له على حوائج دنياه المباحة.

5- وأما السفر للنزهة والفرجة، فقد اختلف فيه العلماء اختلافا كبيرا.[66]قال بعضهم: يعطى لأنه سفر في غير معصية.

وقال غيرهم: لا يعطى لأنه سفر لا يحتاج إليه.

6- ألا يجد من يقرضه ويسلفه في ذلك الموضع الذي هو فيه.

ما يعطى لابن السبيل

قال ابن رشد: “يعطى ما يحمله إلى بلده، ويشبه أن يكون ما يحمله إلى مغزاه عند من جعل ابن السبيل الغازي”.[67]

 

هل يجوز صرف الصدقة لصنف واحد؟

اختلف العلماء في صرف الصدقة، هل يجوز صرفها إلى صنف واحد من هؤلاء الأصناف أم هم شركاء في الصدقة، لا يجوز أن يخص منهم صنف دون صنف؟

ذهب الإمام مالك وأبو حنيفة : إلى أنه يجوز للإمام أن يصرفها في صنف واحد أو أكثر من صنف واحد، إذا رأى ذلك بحسب الحاجة.

وقال الإمام الشافعي: لا يجوز ذلك، بل يقسم على الأصناف الثمانية كما سمى الله تعالى.[68]

وَسَبب اختلافهم معارضة اللفظ للمعنى، فإن اللفظ يقتضي القسمة بين جميعهم، والمعنى يقتضي أن يؤثر بها أهل الحاجة، إذا كان المقصود به سَدّ الخلة، فكان تعديدهم في الآية عند هؤلاء إنما ورد لتمييز الجنس، أعني أهل الصدقات لَا تَشْرِيكهم في الصدقة، فالأول أظهر من جهة اللفظ، وهذا أظهر من جهة المعنى.

ومن الحجة للشافعي[69]: ما رواه أبو داود عن الصدائي، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك”.[70]

 

 

 

 

 

 

هل تدفع الزكاة إلى الوالدين والأبناء والزوج والأقارب؟

الصرف إلى الوالدين والأبناء

إذا كان القريب بعيد القرابة ممن لا تلزم صاحب الزكاة نفقته فقال العلماء: لا حرج في إعطائه من زكاة قريبه سواء أعطاه القريب نفسه أم غيره من المزكين أو الإمام أو نائبه.

أما القريب الوثيق القرابة كالوالدين والأولاد والأخوات والأخوة والأعمام والعمات ،ففي جواز إعطائهم الزكاة تفصيل، وأن الأمر مرتبط بمعرفة من المعطى.

إذا كان الذي يوزع الزكاة ويعطيها الإمام أو نائبه أو بتعبير هذا العصر إذا كانت الحكومة هي التي تتولى جباية الزكاة وصرفها، فلها أن تعطي ما تراه من أهل الحاجة والاستحقاق ولو كان من تعطيه هو ولد المزكي أو والده أو زوجه، لأن صاحب الزكاة يدفعها إلى ولي الأمر المسلم، قد أبلغها محلها وبرئت ذمته منها، وأصبح أمر توزيعها منوطا بالحكومة، إذا لم يعد لمال الزكاة بعد جبايته صلة ولا نسب بمالكه من قبل إنما هو الآن مال الله أو مال المسلمين.[71]

أما إذا كان من يعطى الزكاة هو القريب نفسه فلا بد أن ننظر في درجة قرابته، ومن يكون هو لهذا القريب؟ وهل هو موسر أو معسر؟

فإن كان هذا الفقير أبا للمزكي أو أما أو ابنا أو بنتا وكان ممن يجبر على النفقة عليهم بأن كان موسرا فلا يجوز الصرف إلى أحد منهم من زكاته لقول ابن المنذر:”أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر فيها الدافع إليهم على النفقة عليهم، ولأن دفع زكاته إليهم يغنيهم عن نفقته ويسقطها عنه، ويعود نفعها إليه فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز كما لو قضى بها دينه”.[72]

ولأن مال الوالد مال لوالديه، ولهذا جاء في الحديث: “أنت ومالك لأبيك”.[73]

كما اعتبر القرﺁن الكريم بيوت الأبناء بيوتا للآباء إذ قال تعالى:”ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم” سورة النور، الآية 59. أي بيوت أبنائكم، لأنه لم ينص عليهم في الآية كبقية الأقارب، ولأن أكل الإنسان من بيته ليس في حاجة إلى نص في رفع الحرج عنه.[74] وقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه”.[75]

وكذلك لا يجوز دفع الزكاة إلى الأولاد لأنهم جزء منه، والدفع إليهم كأنه دفع إلى نفسه. وقد حكيا الإجماع ابن المنذر وصاحب البحر على أنه لا يجوز صرف الزكاة في الأصول من الآباء والأمهات والأجداد والجدات، والفصول من الأولاد وأولاد الأولاد.[76]

وقد قيد ابن المنذر نقل الإجماع على عدم جواز الدفع إلى الوالدين بالحال التي يجبر فيها الدافع إليهم على النفقة عليهم، فإذا لم تتحقق هذه الحال بأن كان الولد معسرا وملك نصابا وجبت فيه الزكاة، فقد قال الإمام النووي: “إذا كان الولد أو الوالد فقيرا أو مسكينا، وقلنا في بعض الأحوال (لا تجب نفقته) فيجوز لوالده وولده دفع الزكاة إليه من سهم الفقراء والمساكين لأنه حينئذ كالأجنبي”.[77]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “يجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا وإلى الولد وإن سفل، إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم، وأيد ذلك بوجود المقتضى للصرف وهو الفقر والحاجة. السالم عن المعارض (أي لم يوجد مانع شرعي يعارض هذا المقتضى) وهو أحد القولين في مذهب أحمد. وإذا كانت أم فقيرة، ولها أولاد صغار لهم مال، ونفقتها تضر بهم أعطيت من زكاتهم”.[78]

هل يجوز صرف الزكاة إلى الزوجة؟

ما قيل في الوالدين والأولاد يقال في الزوجة أيضا، فصرف الزكاة إليها لا يجوز، ولهذا قال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة، وذلك لأن نفقتها واجبة عليه، فتستغني بها عن أخذ الزكاة، فلم يجز دفعها إليها، كما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها”.[79]

وقد قال تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها”[80] فالزوجة من زوجها كأنها نفسه أو بعضه، كما أن بيت زوجها هو بيتها لقوله تعالى: “ولا تخرجوهن من بيوتهن”[81] وهي بيوت الزوجية التي هي ملك الأزواج عادة.

وذهب بعض العلماء إلى جواز صرف الزوج من زكاته إلى زوجته، إلا أن أصحاب هذا الرأي ليس لهم ما يقوي رأيهم.[82]

هل تدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها الفقير ؟

ذهب الإمام أبو حنيفة وبعض الفقهاء إلى أنه لا يجوز، لأن الرجل من امرأته كالمرأة من زوجها، وقد منعوا إعطاء الرجل للزوجة، كذلك إعطاء المرأة زوجها.

ورد العلماء هذا القول، فهذا أبو عبيد يقول: “أن الرجل يجبر على نفقة امرأته وإن كانت موسرة، وليست تجبر هي على نفقته وإن كان معسرا، فأي اختلاف أشد تفاوتا من هذين” ؟.[83]

وقال ابن قدامة: “ولأنه – أي الزوج – لا تجب نفقته عليها، فلا يمنع دفع الزكاة إليه كالأجنبي، ويفارق الزوجة، فإن نفقتها واجبة عليه، ولأن الأصل جواز الدفع لدخول الزوج في عموم الأصناف المسلمين في الزكاة، وليس في المنع نص، ولا إجماع وقياسه على من ثبت المنع في حقه غير صحيح، لوضوح الفرق بينهما فيبقى جواز الدفع ثابتا”.[84]

وذهب الإمام الشافعي والنووي وصاحبا أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام مالك وعن الإمام أحمد إلى جواز صرف الزوجة زكاتها إلى زوجها وبه قال ابن قدامة.

واستدلوا بما رواه الشيخان، والإمام أحمد عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن”. قالت فرجعت إلى عبد الله فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد (كناية عن الفقر) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم، قالت : قال لي عبد الله: بل إئتيه أنت، قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة، قالت فخرج علينا بلال، فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب يسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما، وعلى أيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره من نحن، قالت، فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه من هما: فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه أي الزيانب؟ قال امرأة عبد الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لهما أجران، أجر القرابة، وأجر الصدقة”.[85]

قال الإمام الشوكاني: “استدل بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها”.[86]

دفع الزكاة إلى باقي الأقارب

أما سائر الأقارب من أخ وأخت وعم وعمة وخال وخالة… فقد تباينت آراء الفقهاء في دفع الزكاة إليهم بين الجواز والمنع تباينا كثيرا، فمن مجوز للدفع إلى الجميع، ومن مانع للجميع أو للبعض دون البعض.

من الفقهاء من نظر إلى “الضم العملي للقريب إلى الأسرة” فما دام قد ضم إلى عياله أصبح حكمه حكم زوجته وولده، فلم يجز دفع الزكاة إليه.

ومن الفقهاء من نظر إلى لزوم النفقة شرعا، فمن كانت تلزم المزكي نفقته شرعا لا يجوز له دفع الزكاة إليه، ومن لا تلزم نفقته يجوز.

روى أبو عبيد بسنده عن إبراهيم بن أبي حفصة قال: سألت سعيد بن جبير قلت: أعطي خالتي من الزكاة؟ قال: نعم ما لم تغلق عليها بابا،[87] أي ما لم يضمها إلى أسرته وعياله.

وروى عن الحسن قال: يضع الرجل زكاته في قرابته ممن ليس في عياله.[88] وعن ابن عباس قال: إذا لم تعط منها أحدا تعوله فلا بأس بذلك.[89]

وهذا مذهب الإمام مالك والشافعي ورواية عن أحمد. واختلفوا في تحديد من هو القريب الذي تلزم نفقته ؟

فلإمام أحمد: يرى أن النفقة على الوارث للموروث.

ولم ير الإمام الشافعي وجوب النفقة إلا على الأصول وإن علوا، والفروع وإن نزلوا.

أما الإمام مالك فإنه لم يوجب النفقة إلا على الأب لأولاده من صلبه، الذكور حتى يبلغوا، والإناث حتى يتزوجن.

والذي ذهب إليه كثير من أهل العلم والله أعلم منذ عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم هو جواز دفع الزكاة إلى القريب ما لم يكن ولدا أو والدا،وهو الذي رجحه أبو عبيد في الأموال.[90]، ويشهد لهذا بعض الآثار:

أولا: عموم النصوص التي جعلت صرف الزكاة للفقراء دون تمييز بين قريب وأجنبي، مثل قوله تعالى: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين”.

وحديث: “تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم”.[91]

فإن هذه العموميات تشمل الأقارب، ولم يرد مخصص صحيح يخرجهم عنها، بخلاف الزوجة والوالدين والأولاد فقد خصصوا منها بالإجماع الذي ذكره ابن المنذر وأبو عبيد.

ثانيا: ما ورد في الأقارب خاصة من الآثار المرغبة في الصدقة عليهم مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنان صدقة وصلة”.[92]

وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: “إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح.”[93] يعني أن أفضل الصدقة على ذي الرحم القاطع المضمر العداوة في باطنه.[94]

وقد قال ابن عباس رضي الله عنه: “يعطي الرجل قرابته من زكاته إذا كانوا محتاجين”.[95]وعن إبراهيم أن امرأة ابن مسعود سألته عن زكاة حلي لها فقالت: “أعطيه بني أخ لي أيتام في حجري؟ قال: “نعم”.[96]

وقال سعيد بن المسيب: “إن أحق من رفعت إليه زكاتي يتيمي وذو قرابتي”. وفي قول له آخر: “أحب من وضعتها عنده إلى يتيمي وذو فاقتي”. وسئل الحسن: أخي أأعطيه زكاة مالي ؟ قال: “نعم وحبا”. وسئل إبراهيم: امرأة لها شيء، أتعطي أختها من الزكاة؟ قال: “نعم ما لم تغلق عليها بابا.”

 

على من تجب الزكاة؟

أجمع العلماء على أن الزكاة تجب على المسلم البالغ العاقل الحر المالك لنصابها ملكا تاما.[97]

وقد تبين لنا فيما سبق أدلة هذا الوجوب من آيات الكتاب الصريحة، وأحاديث الرسول الثابتة.[98]

واتفق المسلمون على أن فريضة الزكاة لا تجب على غير مسلم، لأنها فرع من الإسلام، وهو مفقود، فلا يطالب بها وهو كافر، كما لا تكون دينا في ذمته يؤديها إذا أسلم.

واستدل العلماء لذلك بحديث ابن عباس في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: “إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم”.[99]

فالحديث يدل كما قال الإمام النووي وغيره على أن المطالبة بالفرائض في الدنيا لا تكون إلا بعد الإسلام، وهذا قدر متفق عليه.[100]

لا ضير أن الزكاة لا تجب – وجوبا دينيا- على غير المسلمين من حيث هي عبادة وشعيرة، ولكن أَلاَ يجوز أن يؤخذ منهم مقدارها على أنها ضريبة من الضرائب تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء، فالمسلم يدفعها فريضة وعبادة، وغيره يدفعها ضريبة ؟

وبذلك نتفادى التفرقة بين المواطنين في دولة واحدة!

للجواب عن هذا السؤال ذكر الدكتور القرضاوي أن القضية تحتاج إلى اجتهاد جماعي من علماء المسلمين القادرين على الاجتهاد، ومن هذه الاجتهادات ما ذهب إليه، حيث أوصله بحثه إلى إمكانية أخذ الزكاة بوصفها ضريبة من غير المسلمين من أهل الذمة، إذا رأى ذلك أولو الأمر، وقدم أدلة على ذلك منها:

1- إن مراد علمائنا بقولهم: لا تجب الزكاة على غير مسلم هو الوجوب الديني الذي يتعلق به المطالبة في الدنيا والثواب والعقاب في الآخرة.

أما الإيجاب السياسي الذي يقرره ولي الأمر بناء على اعتبار المصلحة التي يراها أهل الشورى فلم يرد ما يمنعه.

2- إنهم عللوا عدم وجوب الزكاة على غير المسلم، بأنه حق لم يلتزمه فلا يلزمه، ومعنى هذا أنهم لو التزموا هذا ورضوه لم يكن بذلك بأس.

3- القارئ للتاريخ يلحظ أن أهل الذمة في ديار الإسلام كانوا يدفعون للدولة الإسلامية ضريبة مالية سماها القرآن الكريم: الجزية، قال تعالى: “قاتلوا الذين لا يومنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله،ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون” سورة التوبة، الآية 29.مشاركة في النفقات العامة للدولة التي تقوم بحمايتهم والدفاع عنهم وكفالة العيش لهم، وتأمينهم ضد العجز والشيخوخة والفقر كالمسلمين.

لكن الجزية تنفر منها النفوس، ولذلك تستبدل بضريبة أو أي كلمة أخرى، وهذا ما حصل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه مع نصارى بني تغلب.

روى أبو عبيدة بسنده عن زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة أنه سأل عمر بن الخطاب وكلمه في نصارى بني تغلب، وكان عمر قد هم أن يأخذ منهم الجزية فتفرقوا في البلاد، فقال النعمان بن زرعة لعمر: يا أمير المؤمنين إن بني تغلب قوم عرب، يأنفون من الجزية وليست لهم أموال (يعني الذهب والفضة) إنما هم أصحاب حروث ومواش، ولهم نكاية في العدو، فلا تعن عدوك عليهم بهم.قال: فصالحهم عمر على أن أضعف عليهم الصدقة (أي جعلها مضاعفة عليهم)

وأخرج البيهقي من عبادة بن النعمان في حديث طويل: “أن عمر لما صالحهم عن تضعيف الصدقة قالوا: نحن عرب لا نؤدي ما تؤدي العجم، ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض (يعنون الصدقة) وقال عمر: “لا هذه فرض المسلمين”. قال: زد ما شئت بهذا الاسم، لا باسم الجزية. ففعل، فتراضى هو وهم على تضعيف الصدقة عليهم. وفي بعض روايات هذا الحديث أن عمر قال: ” سموها ما شئتم”.[101]

قال أبو عبيد: فهذا الفاروق رضي الله عنه لم ير بأسا أن يأخذ من هؤلاء الأنصار ضريبة أو جزية تسمى باسم الصدقة، لنفورهم من مصطلح الجزية وقد ضاعف عليهم مقادير الصدقة الواجبة على المسلمين وفقا لطلبهم الذي صولحوا على أساسه، ولهذا قال الزهري: ليس في مواشي أهل الكتاب صدقة إلا نصارى بني تغلب، أو قال: نصارى العرب الذين عامة أموالهم المواشي.[102]

إذن لم لا يجوز أن تفرض ضريبة على أهل الذمة في البلاد الإسلامية في هذا العصر تقوم مقام الجزية التي طالبهم بها النظام الإسلامي؟ خاصة أن الأمر ليس فيه معارضة للأصول، بل تحقيق مصلحة المسلمين ورفع الضرر عنهم.

الزكاة في مال الصبي[103] والمجنون

إذا كان العلماء قد أجمعوا على وجوب الزكاة في مال المسلم البالغ العاقل، فإنهم قد اختلفوا في مال الصبي والمجنون، هل تجب فيه الزكاة أم لا تجب حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون؟

هنا يختلف الفقهاء اختلافا كبيرا، نستطيع أن نردهم فيه إلى فريقين رئيسيين:

1- فريق من لا يرى وجوب الزكاة في مالها مطلقا أو في بعض الأموال.

2- فريق من يرى وجوب الزكاة في أموالهما جميعا.

القائلون بعدم وجوب الزكاة فيه:

أ- روى أبو عبيد عن أبي جعفر الباقر والشعبي أنهما قالا: “ليس في مال اليتيم زكاة”. وروى ابن حزم مثل قولهما عن النخعي وشريح.

ب- روي عن الحسن قال: ليس في مال اليتيم زكاة إلا في زرع أو ضرع.

وقد ذكر ابن حزم في “المحلى” عن ابن شبرمة مثل قوله.[104]

ج- عن مجاهد قال: “كل مال لليتيم ينمى أو قال كل شيء من بقر أو غنم أو زرع أو مال يضارب به فزكه، وما كان له من صامت لا يحرك (لا يستثمر) فلا تزكه حتى يدرك فتدفعه إليه. وخرج اللخمي من علماء المالكية قولا:

بسقوط الزكاة عن الصبي، حيث لا ينمي ماله من حكم المال العجوز عن تنميته كالمدفون الذي ضل عنه صاحبه ثم وجده، وكالمال الموروث الذي لم يعلم به وارثه إلا بعد حول أو أحوال.

د- ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الزكاة في زرعه وثمره فقط أما بقية الأموال فلا.

أدلة هؤلاء:

أ- أن الزكاة عبادة محضة كالصلاة، والعبادة تحتاج إلى نية، والصبي والمجنون لا تتحقق منهما النية، فلا تجب عليهما العبادة ولا يخاطبان بها، وقد سقطت الصلاة عنهما لفقدان النية، فوجب أن تسقط الزكاة بالعلة نفسها.

ب- يؤكد هذا من السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق”.[105]

ورفع القلم كناية عن سقوط التكليف، إذ التكليف لمن يفهم خطاب الشارع، والصغر والجنون والنوم حائل دون ذلك.

ج-تؤكد هذا أيضا الآية الكريمة: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها” سورة التوبة، الآية 103.

إذ التطهير إنما يكون من أرجاس الذنوب، ولا ذنب على الصبي والمجنون حتى يحتاجا إلى تطهير وتزكية، فهما إذن خارجان عمن تؤخذ منهما الزكاة.

د- اعتبار المصلحة التي يرعاها الإسلام في سائر أحكامه، ومصلحة الصغير والمجنون

هنا تقتضي إبقاء مالهما عليهما، خشية أن تستهلكه الزكاة، لعدم تحقق النماء الذي هو علة وجوب الزكاة، وذلك لأن الصغير والمجنون ضعيفان لا يستطيعان القيام بأمر أنفسهما، وتثمير أموالهما، وقد يخشى تكرار أخذ الزكاة كل عام منها أن تأتي عليهما فيتعرضا لذل الحاجة، وهوان الفقر.

 

القائلون بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون

ذهب إلى وجوب الزكاة في سائر أموال الصبي والمجنون:

عطاء بن أبي رباح، جابر بن زيد طاوس، مجاهد والزهري من التابعين، ومن بعدهم ربيعة ومالك والشافعي وأحمد وابن أبي ليلة.

وهو قول: عمر وابنه وعلي وعائشة وجابر من الصحابة رضي الله عنهم.

أدلة القائلين بوجوب الزكاة في مال الصبي

استند هؤلاء إلى عدة أدلة:

1- عموم النصوص من الآيات والأحاديث الصحيحة التي دلت على وجوب الزكاة في مال الأغنياء وجوبا مطلقا، ولم تستثن صبيا ولا مجنونا.

مثل قوله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها” سورة التوبة، الآية 103.

قال ابن حزم: “فهذا عموم لكل صغير وكبير وعاقل ومجنون، لأنهم كلهم محتاجون إلى طهرة الله تعالى وتزكيته إياهم، وكلهم من الذين آمنوا.”[106]

  • ما رواه الإمام الشافعي بإسناده عن يوسف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ابتغوا في مال اليتيم، أو في أموال اليتامى لا تذهبها أو لا تستهلكها الصدقة”. وإسناده صحيح كما قال البيهقي والنووي، وإن كان يوسف بن ماهك تابعي لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه مرسل، لكن الإمام الشافعي عضد هذا المرسل بعموم النصوص الأخرى، وبما صح عن الصحابة من إيجاب الزكاة في مال اليتيم.[107]
  • روى الطبراني في الأوسط عن أنس بن ماهك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة”.
  • روى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ولى يتيما فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة”.[108]
  • روى البيهقي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: “ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة”.[109]

6- ما صح عن الصحابة الأفاضل فقد روى أبو عبيد والبيهقي وابن حزم إيجاب الزكاة في مال الصبي عن عمر وعلي وعبد الله بن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة رضي الله عنهم إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس لا يحتج بها.[110]

إذا تقرر هذا، فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما، لأنها زكاة واجبة.

وخلاصة القول:

ترجيح مذهب الأئمة الثلاثة على مذهب الحنفية حيث أنهم أوجبوا العشر في مال الصبي والمجنون، وأوجبوا زكاة الفطر في مالهما، ولم يوجبوا الزكاة عليهما فيما عدا ذلك من الأموال، والقياس يقتضي أن من وجب العشر في زرعه وجبت الزكاة في سائر أمواله، ولا فرق بين ما يدل عليه قوله تعالى: “وﺁتوا حقه يوم حصاده” سورة الأنعام، الآية .141 وقوله تعالى: “وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” سورة الذاريات، الآية 19.

ومن ثم اشتد الإمام ابن حزم في النعي عن هذه التفرقة فقال: “ليت شعري ما الفرق بين زكاة الزرع والثمار، وبين زكاة الماشية والذهب والفضة؟”[111] وقال ابن رشد : “وأما من فرق بين ما تخرجه الأرض، وما لا تخرجه، وبين الخفي والظاهر (من الأموال، ويريد بالظاهر الماشية والزرع والتمر) فلا أعلم له مستندا في هذا الوقت”.[112]

إذن تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون، لأنها حق يتعلق بالمال، فلا يسقط بالصغر والجنون، ويستوي في ذلك أن يكون ماله ماشية سائمة أو زرعا أو تمرا أو تجارة أو نقودا، بشرط ألا تكون النقود مرصدة لنفقته الضرورية.[113]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المصادر والمراجع

القرآن الكريم

* السيرة النبوية لأبي محمد عبد الملك بن هشام المكتبة التوفيقية.

* غريب الحديث لأبي القاسم بن سلام ط. حيدر آباد.

* لسان العرب لجمال الدين أبي الفضل بن منظور الأنصاري، ط. بيروت 1956.

* الفواكه الدواني لأحمد بن غنيم النفزاوي المالكي، دار الفكر، بيروت الطبعة الأولى 2002.

* القوانين الفقهية لابن جزي. دار المعرفة، الدار البيضاء، المغرب.

* المهذب لأبي إسحاق الشيرازي، ط المنير به.

* المعني لابن قدامة المقدسي، ط، المنار الثانية.

* فتاوى ابن تيمية، مطبعة كردستان العلمية بالقاهرة، 1326ه.

* الفروع للعلامة ابن مفلح مطبوع مع تصحيح الفروع لأبي الحسن المرداوي الحنبلي، دار عمر للطباعة، ط. الثانية 1389ه.

* المحلى للإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ط. المنيرية، تحقيق الشيخ أحمد شاكر.

* فتاوى الإمام محمد رشيد، ط. دار الكتاب الجديد، بيروت.

* الفقه على المذاهب الأربعة، تأليف لجنة بإشراف وزارة الأوقاف، ط. الخامسة، القاهرة.

* مقارنة المذاهب في الفقه محمود شلتوت ومحمد علي السايس، ط صبيح، 1373 ه.

* فقه الزكاة للدكتور القرضاوي ط. الرابعة 1420ه/2000م.

* الرسالة للإمام الشافعي، تحقيق أحمد شاكر، ط. مصطفى البابي الحلبي.

* الأحكام في أصول الأحكام للإمام ابن حزم، ط. المطبعة المنيرية.

* إعلام الموقعين عن رب العالمين للإمام ابن القيم، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان.

* الموافقات في أصول الفقه للإمام الشاطبي، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان.

* إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي، ط. عيسى الحلبي.

* حجة الله البالغة للإمام أحمد بن عبد الرحبم الدهلوي ط. القاهرة.

* العدالة الاجتماعية في الإسلام للإمام سيد قطب، ط. الخامسة عيسى الحلبي.

* سنن أبي داود للإمام سليمان بن الأشعت السجستاني، ط. السعادة، القاهرة.

* سنن ابن ماجة للإمام ابن ماجة، ط عيسى الحلبي.

* جامع الترمذي مع شرحه عارضة الأحوذي لابن العربي.

* سنن النسائي للإمام أبي عبد الرحمان بن شعيب ط. القاهرة.

فهرست المواضيع

الفقراء في الحضارات السابقة. 1

وضع الفقراء في الحضارات السابقة. 1

معاملة الفقراء في الكتب السماوية. 2

1- الفقراء في التوراة 2

2- الفقراء في الإنجيل. 3

عناية الإسلام بعلاج الفقر والفقراء لم يسبق لها نظير. 4

الزكاة في العهد المدني. 4

في معنى الزكاة لغة وشرعا 5

التحذير الشديد من منع الزكاة 7

العقوبة الدنيوية. 7

العقوبة الأخروية. 7

العقوبة الشرعية لمانع الزكاة 8

أوجه صرف الزكاة 9

الأصناف الثمانية. 10

هل تدفع الزكاة إلى الوالدين والأبناء والزوج والأقارب؟ 19

على من تجب الزكاة؟ 23

لائحة المصادر والمراجع. 29

 

– الإسلام دين عام خالد: ص 179.[1]

– الإسلام دين عام خالد ص 189 وفقه الزكاة (47-46/1)[2]

– العهد القديم الإصحاح 22[3]

– سفر الأمثال الفقرة 27[4]

– سفر الأمثال الإصحاح 21[5]

– سفر التثنية الإصحاح 15[6]

[7]– بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد. (56/3)

– فقه الزكاة (61/1)[8]

– الزكاة المطلقة غير المقدرة فرضت في مكة (وهذا ما رجحه كثير من الأئمة) كما دلت عليه آيات القرﺁن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفنا أن القرآن المدني أكد وجوب الزكاة.[9]

– رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث أم سلمة.[10]

– متفق عليه.[11]

– متفق عليه.[12]

– سنن أبي داود، باب زكاة السائمة، باب سنن النسائي الكبرى، باب إخراج الزكاة من بلد إلى بلد[13]

– لسان العرب (345/3)[14]

– مختصر خليل (322/1)[15]

– نهاية المحتاج (43/3)[16]

– بداية المجتهد (56/3)[17]

– وللقاضي أبي بكر بن العربي كلام قيم في معنى تسمية الزكاة صدقة. أحكام القرآن (947-2)[18]

– الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، باب المتفق عليه من مسند أبي سعيد.[19]

– سنن البيهقي: باب من قال لا يخرج صدقة. ورواه مسلم باب الدعاء إلى الشهادتين.[20]

– رواه الطبراني في الأوسط (125-1) ومجمع الزوائد (92/3)[21]

– سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رقم الحديث  105 رواه ابن ماجة والبزاز (14/2)[22]

– الترغيب (15/1) البخاري في تاريخه (65/2)[23]

– صحيح مسلم باب: إثم مانع الزكاة.[24]

– رواه أحمد (45/2) والنسائي (94/3).[25]

– صحيح البخاري، باب وجوب الزكاة، صحيح مسلم، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا.[26]

– أخرجه النسائي (15/2)[27]

[28]رواه الجماعة وابن ماجة (60/1)

[29]– وفي رواية “عقالا” بدل “عناقا”، والعناق الأنثى من أولاد المعز، والعقال الحبل الذي يعقل له البعير.

 

– بداية المجتهد (127/3)[30]

– مجمع الأنهر ودر المنتقى بهامشه (223/220)[31]

– شمس الدين الرملي: نهاية المحتاج (151/2)[32]

– بداية المجتهد (135/3)[33]

– أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، وابن ماجة، كتاب الزكاة، باب من تحل له الصدقة.[34]

– بداية العصر (135/3)[35]

– معالم السنين (222/25)[36]

– خموش: خدوش، الكدوح الآثار من الخدش والعضن. لسان العرب (15/2)[37]

– أبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجة، حسنه الترمذي، والحديث ضعفه صيارفة على الحديث.[38]

– معالم السنن (228/2)[39]

– نفس المرجع[40]

– بداية المجتهد (129/3)[41]

– بداية المجتهد (129/3)[42]

– تفسير ابن كثير (325/2)[43]

– تفسير الطبري (313/14)[44]

– تفسير القرطبي (189/7)[45]

– بداية المجتهد (123/3)[46]

– الطبري (315/14)[47]

– الطبري (134/2)[48]

– الجصاص: أحكام القرآن (153/3) وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكسائي (45/2)[49]

– بداية المجتهد (123/3)[50]

– المغني (222/21[51]

– بداية المجتهد (121/3)[52]

– الأموال (900/2)[53]

– الدر المختار وحاشيته رد المختار (23/2)[54]

– تفسير الطبري (331/14)[55]

– المجموع (208/2)[56]

– تفسير القرطبي (181/3)[57]

– نهاية المحتاج (100/2)[58]

– النهاية ﴿/2102)[59]

– بهذا اللفظ جاء في بداية المجتهد (128/3)[60]

– بداية المجتهد (121/3)[61]

– الروضة (322/2)[62]

– نيل الأوطار (181/4)[63]

– تفسير الطبري (32/14)[64]

– طبقات ابن سعد (283/3)[65]

– المجموع (215-214/2)[66]

– بداية المجتهد (129/3)[67]

-نفسه (122/3) [68]

– نفسه (123/3)[69]

– سنن أبي داود، باب من يعطي من الصدقة. ورواه البيهقي في سننه الكبرى، باب قسم الصدقات.[70]

– ابن العربي: أحكام القرآن (925/2)[71]

– المغني (284/2)[72]

[73]– السنن الكبرى للبيهقي، باب نفقة الوالدين (480/7) وسنن ابن ماجة، باب ما للرجل من مال والده (769/2) وصحيح ابن حيان، باب حق الوالدين (142/2) ومسند أحمد (503/11).

– تفسير القرطبي (314/12)[74]

84- السنن الكبرى، باب نفقة الأبوين (304/6) وسنن النسائي الكبرى، باب الحث على الكسب (4/4) ومستند أحمد (42/6) ومصنف ابن أبي شيبة، باب ما ينال الرجل من مال ابنه وما يجر عليه رواه أبو داود (46/3).

– نيل الأوطار (189/4) والبحر الزخار (182/2)[76]

– المجموع (229/2)[77]

– اختيارات ابن تيمية ص: (21/22)[78]

– المغني (249/2) ونيل الأوطار (188/4)[79]

– سورة الروم الآية 31[80]

– سورة الطلاق الآية 1[81]

– المجموع (229/1) ونيل الأوطار (188/4)[82]

– الأموال (588)[83]

– المغني (250/2)[84]

– الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، باب المتفق عليه من مسند أم شريك وعلم باب فضل النفقة والصدقة على الأٌقربين.[85]

– نيل الأوطار (178/4)[86]

– الأموال ص : 552/583[87]

– المجموع (229/2)، أحكام القرﺁن (920/2) المدونة  الكبرى (251/1)[88]

– الأموال (581/582)[89]

– الأموال (581-582)[90]

[91]– الجمع بين الصحيحين باب أفراد البخاري، والسنن الكبرى باب لا يأخذ الساعي فوق ما يجب، سنن النسائي الكبرى باب في حسن الزكاة، صحيح البخاري باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في فقرائهم وعلم باب الدعاء إلى الشهادتين.

– وقد تم الحديث عن الأدلة سابقا: الأموال، ص 386[92]

– سنن ابن ماجة، باب فضل الصدقة، سنن الترمذي، باب الصدقة على ذي القرابة، وسنن النسائي باب الصدقة على الأقارب.[93]

– سنن البيهقي الكبرى، باب: الرجل يقسم صدقته على قرابته وجيرانه، وصحيح ابن خزيمة باب فضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح.[94]

– إتحاف الخيرة المهرة كتاب الزكاة (42/3)[95]

[96]– كتاب الأموال للقاسم بن سلام،  باب دفع الصدقة إلى الأقارب ومن يكون لها منهم موضعا أو لا يكون (340/3) ومصنف ابن أبي تيمية (47-48/4)

– بداية المجتهد (58/3) جاء في بداية المجتهد قول ابن رشد: لا زكاة على أهل الذمة (59/3)[97]

– الصفحات 16-19[98]

– فتح الباري (3-229-32)[99]

– المجموع (5.328)[100]

– فقه الزكاة (100/1)[101]

– الخراج ليحيى بن آدم 25[102]

[103]-عبر عنه ابن رشد “الصغار” (59/3)، إن قوما قالوا: تجب الزكاة في أموالهم، وبه قال علي وابن عمر وجابر وعائشة من الصحابة، ومالك والشافعي والنووي وأحمد وإسحاق وأبو ثور.

وقال قوم ليس في مال اليتيم صدقة أصلا: وبه قال النخعي وسعيد بن جبير من النابغين.

وفرق قوم بين ما تخرج الأرض وبين ما لا تخرجه فقالوا: عليه الزكاة فيما تخرجه الأرض، وليس عليه زكاة فيما عدا ذلك من الماشية، وبه قال أبو حنيفة.

 

– المحلى (69/1)[104]

– رواه أبو داود والنسائي[105]

[106]– المحلى (201/5)

– السنن الكبرى (65/3)[107]

– الجامع الصحيح (345/3)[108]

– السنن الكبرى (86/6)[109]

– المحلى (208/5) وسيب الضعف انفراد ابن لهيعة بها وهو ضعيف.[110]

– المحلى (209/5)[111]

– بداية المجتهد (20/3)[112]

– فقه الزكاة (119/1)[113]

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المقالات