728 x 90

جديد منشورات مركزابن النفيس”سهل الغرب في تاريخ المغرب” أعمال مهداة إلى الاستاذ بوجمعة رويان

جديد منشورات مركزابن النفيس”سهل الغرب في تاريخ المغرب” أعمال مهداة إلى الاستاذ بوجمعة رويان

 

 

كتاب: سهل الغرب في تاريخ المغرب

أعمال مهداة للأستاذ بوجمعة رويان

تنسيق عبد اللطيف أبوريشة  – محسن الشركة

        تقديم محمد مزيان

 

 

تقرير : عبداللطيف أبوريشة

كتاب سهل الغرب في تاريخ المغرب هو من انجاز مجموعة من الباحثين متعددي المشارب وخريجي جامعات مختلفة سعوا من ورائه إلى تكريس ثقافة الاعتراف والتأكيد على أهمية الأستاذ ودوره المحوري في انتاج المعنى. فالعمل مهدى للأستاذ بوجمعة رويان أحد رموز البحث التاريخي بالمغرب، وأحد المهتمين بتاريخ المغرب المعاصر. وهو مبادرة محمودة تستحق التشجيع والتنويه، وتبعث على الفخر والاعتزاز، نظرا لبعدها الإنساني والعلمي.

ويعد هذا الكتاب مساهمة جديدة حاول المشاركون فيه إعطاء معنى إلى تاريخ السهل وكذا دوره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تاريخ المغرب، فقد شكل السهل في تاريخ المغرب مصدر قوة الدولة في بعدها الاقتصادي والقبلي- السياسي واستمراريتها.

وقد اكتسب سهل الغرب مكانة متميزة عبر تاريخ المغرب نظرا لموقعه المتميز الذي يجمع بين شمال المغرب وشرقه، فقد كان شاهدا على عدة أحداث منذ العصر القديم إلى غاية الفترة الراهنة، وما عرفه هذا المجال من تغيرات كان لها الأثر الجلي على المجتمع والاقتصاد السهلين، وعلى الرغم من الأبحاث والدراسات المتنوعة التي أنجزت حول هذا المجال سواء من لدن الأجانب أو الباحثين المغاربة لم تكن كافية وظلت بعض القضايا التاريخية والجغرافية والسوسيولوجية في حاجة إلى الدراسة وتسليط الضوء عليها.

يعد هذا الكتاب ثمرة عمل جماعي بين باحثين في التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع، حاولوا الكشف عن دور السهل في تاريخ المغرب، وقد استطاع الباحثون بعد التطرق لعدة قضايا، التعريف بعدة وقائع عرفها سهل الغرب، كانت في حاجة إلى الدراسة والتحليل، وتقديم إضافة نوعية إلى جانب تلك التي أنجزت حول تاريخ منطقة الغرب.

 

 

 

 

 

تتوزع الأعمال التي تضمنتها دفتي الكتاب حول مواضيع تفاعل الإنسان والمجال في سهل الغرب وفق انعطافات تاريخية من الحقبة الوسيطية إلى الزمن الراهن مرورا بالعصر الحديث والمعاصر، وما شهده هذا المجال من تبدلات وتغيرات، كان لها الأثر الجلي على مسار الأحداث والوقائع بهذا المجال. علاوة على ذلك قدمت الدراسات المتضمنة في هذا السِفر مواضيع تنهل من التاريخ الاجتماعي والسياسي والتاريخ الحضري والمعماري للمدينة الكولونيالية بسهل الغرب.

تناولت الدراسات المشكلة للمحور الأول عددا من القضايا الإشكالية حيث قدم الباحث أبو ريشة مقالا حول فيضانات واد سبو وآثاره على سهل الغرب خلال فترة الحماية بهدف رصد التطور المناخي للمغرب ورصد موقف المغاربة من الفيضانات التي ميزت واد سبو، وانعكاساتها على المجتمع والاقتصاد معا. بينما تناول الباحثان عبد الرزاق القرقوري وصلاح الدين ليباتي مسألة السياسة المائية بسهل الغرب زمن الحماية وهي السياسة التي اتخذت عدة إجراءات كتجفيف المستنقعات وبناء السدود وغيرها من التدابير بُغية تسهيل استقرار المعمرين الفرنسيين وتحقيق استيطان زراعي خاص وعام.

واهتم الباحث محسن الشركة بترجمة مقال لجون سيلريي وألبير شارتون حول ناحية واد الردم ومنطقة “بوتي جان”، وجبال وطيطة وكفس وسلفات وزرهون. ويقارن المقال بين استقرار قبائل الشراردة ومجال ومناطق مولاي إدريس زرهون ومكناس مجال استقرار قبائل عربية وأمازيغية. وهو ما يوضح أن هذا المجال استقطب اهتمام سلطات الحماية لتنزيل رؤيتها حول الاستيطان الفلاحي.

فيما توزع المحور الثاني على ثلاث دراسات تناولت المؤهلات الطبيعية التي يزخر بها سهل الغرب في محاولة للإجابة على إشكالية مركزية متجلية فيما إذا كانت العوامل الطبيعية بإكراهاتها وضغوطاتها تشكل عائقا أمام الأنشطة البشرية أم أنها تمثل نقطة جذب وجب توظيفها واستثمارها بشكل إيجابي لخلق دينامية اقتصادية مستدامة آخذين بعين الاعتبار تحولات أشكال الاستغلال والوضع العقاري للأراضي الزراعية المعقد. وهكذا أطر الراحل محمد بودواح رفقة الأستاذ حميد بنسي وباحثين في سلك الدكتوراه دراستين اهتمتا بالمميزات الطبيعية وعلاقتها بالنشاط الفلاحي بجماعة اولاد سلامة باعتباره النشاط الرئيسي المزاول لدى الساكنة المحلية ويمكن أن يساهم في استقطاب آليات استثمار يمكن أن تعود بالفائدة على المنطقة. فيما تناولت الدراسة الثانية نظام الاستغلال الفلاحي بسهل الغرب وملامح التحول الذي شهدها بدءا من الفترة الاستعمارية وصولا إلى الزمن الراهن، من خلال ملامسة التحولات التي مست المشهد الزراعي والعوامل المتسببة في ذلك وانعكاساته على التنمية بالمنطقة بشكل عام.

وتطرقت دراسات المحور الثالث إلى جوانب من حياة القبائل والسكان بسهل الغرب ويشكل مجال بني احسن مع رصد المسار التاريخي العام لتبلور مجال خاص بهذه القبيلة زيادة على إبراز العوامل الكبرى المساهمة في ذلك مما اكسب القبيلة هوية خاصة، كما تمت مناولة الملامح السوسيوثقافية والبحث في كيفية استثمارها وتثمين تراثها المحلي لتحقيق تنمية مستدامة. وهو ما نطالعه في دراسة الأستاذ عمار حمداش. في حين اتجه الباحث إبراهيم بوحيات إلى النبش في تاريخ الذهنيات من خلال البحث في مسألة التبرك بالأولياء والصالحين في منطقة الغرب سيدي إسماعيل أنموذجا. متسائلا عن معنى البركة والتبرك والصلاح وهي المفاهيم المؤطرة لدراسته، باحثا عن خصائصها وامتداداتها الزمكانية ومستعينا بدراسة ميدانية للإجابة عن إشكاليات الدراسة.

وخُصصت دراسات المحور الرابع للحديث عن المدينة الكولونيالية بسهل الغرب، من خلال التطرق إلى تأثير القاعدة العسكرية الأمريكية على مدينة القنيطرة وكيف أثرت اجتماعيا وسلوكيا واقتصاديا على الساكنة المحلية، من ذلك مثلا تزايد الهجرة نحو المدينة بحثا عن فرص للعمل في القاعدة وهو ما أدى إلى بروز أحياء هامشية وفق الباحث عبد القادر بوراس، كما تزايد الاقبال على تعلم اللغة الانجليزية وانتشرت نوادي الرقص مثل نادي “فليت”، كما أظهر الجنود الأمريكيين نوعا من التضامن اتجاه ما كان يحدث في المدينة مثل توزيع مواد غذائية وتقديم الأدوية والإغاثة واطفاء حريق شب في دوار “الساكنية” بالمقابل تقاعس رجال مطافئ الحماية الفرنسية. وكان من الطبيعي أن تحاول الحركة الوطنية الاستفادة من الحضور الأمريكي بالمنطقة وإن كان الأمر غير مباشر لكنه كان مهما في مرحلة من المراحل.

وتناولت دراسة الباحثين عبد القادر الرباك وهشام بردكي وقاسم النعايمي مسألة الظاهرة الحضرية بسهل الغرب وأشكال التمدن إبان فترة الحماية عن طريق دراسة أربع مراكز حضرية بسهل الغرب وهي القنيطرة (بورليوطي) وسيدي سليمان وسيدي قاسم ومشرع بلقصيري. وتحليل التدخلات الاستعمارية التي وظفت قطاع التعمير لإدماج الساكنة المحلية في منظومتها من جهة ولتدبير المجال والتحكم فيه. لهذا تسعى هذه الدراسة لإبراز العوامل والآليات المتحكمة في عمل سلطات الحماية وتعزيز الوظيفة الحضرية لهذه المجالات ثم انعكاس ذلك على الساكنة المحلية اقتصاديا واجتماعيا.

وعلى نفس المنوال اتجهت دراسة الباحث منير الصديقي حين ركزت على السياسة التعميرية الفرنسية بالمغرب وبشكل أدق على مدينة “بور ليوطي” والتحول الذي عرفته على مستوى التمدين عن طريق إصدار العديد من النصوص التنظيمية مرتبطة بتصاميم التهيئة والمساعدة على توجيه وظيفة المدينة وهو ما ساهم في تفكيك البنية العتيقة وخلخلة الذهنية المحلية.

وخصص الباحث محسن بووشن الدراسة عن ميناء بور ليوطي ودوره في الاستغلال الكولونيالي هي الدراسة التي غطت الحيز الزمني إلى حدو الحرب العالمية الثانية، نظرا لدور الميناء في بلورة مشاريع اقتصادية بمغرب الحماية تحقيق أهداف المستعمر لاستغلال الموقع الطبيعي المميز على نهر سبو ودوره في تموين الجيوش الفرنسية المنشغلة بوقف حركة المقاومة المغربية بسهولة ويسر. كما تتبعت الدراسة تطور حركة الملاحة بميناء بور ليوطي بعدما تم تجهيزه وبناء الأرصفة والمخازن وربطه بخطوط السكة الحديدية.

تشكل هذه الأبحاث مجتمعة محاولة في رصد تاريخ السهل (الغرب أنموذجا) بمختلف تجلياته ومراحله التاريخية، وهي مسألة تساعد على إعادة إحياء تاريخ السهل جهويا ووطنيا، وتثمينه تحقيقا لتنمية ثقافية ما أحوج المنطقة لها.

 

1 تعليق

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

1 التعليق

  • ترتبط عملية إعداد الأبحاث العلمية بمجموعة من العناصر التي يلزمها معرفة طريقة تنفيذها وترتيبها بشكل صحيح، ومجمل هذه العناصر تكون مرتبطة ببعضها البعض. وهناك عناصر أساسية يندرج تحتها عناصر أخرى.

    الرد

آخر المقالات