728 x 90

تاريخ الأحياء الهامشية بمدينة الرباط  – بالمغرب –  الدكتور عبد اللطيف أبوريشة

تاريخ الأحياء الهامشية بمدينة الرباط  – بالمغرب –  الدكتور عبد اللطيف أبوريشة

تاريخ الأحياء الهامشية بمدينة الرباط  – بالمغرب –  الدكتور عبد اللطيف أبوريشة

لمعت هذه الأطروحة التحولات التي عرفها المجتمع المغربي إبان فترة الحماية الفرنسية، فقد حاولت البحث عن مظاهر وأليات تفكك المجتمع المغربي بالبوادي والمدن، أدت بشكل ملموس إلى تشكل أحياء هامشية حديثة التي برزت بأجنحة المدن المغربية وتحاصرها من عدة جهات خاصة الساحلية منها كمدينة الدار البيضاء ومدينة الرباط، وقد رافق هذا التحول غير المتوقع، بروز طاهرة التهميش بالمغرب والذي اتحذ أشكال متعددة خلال الفترة الحماية الفرنسية.

إن هذه الرسالة، وهي تناقش الموضوع الهامش والمهمش بمقاربة تاريخية وأنتروبولوجية مستفيضا بالطرح والتحليل، تفتح آفاق جديدة أمام من يريد أن يعمق معرفته التاريخية حول مظاهر الحياة الاجتماعية بالمغرب، فالأطروحة جامعية وعلمية، إذ يمكن أن يقبل عليها المتخصص وغير المتخصص، وذلك راجعا لحسن التوثيق ولصفاء الكتابة ولصرامة التحليل.

وقبل الوصول إلى فصول الأطروحة ومضامينها، فهي تقدم عدة ورقات تمهيدية توجه الباحثين إلى الاهتمام بالشرائح المستضعفة والمنسية لمواكبة صيحات التاريخ العالمي الجديد، كما حاول الدكتور أن يتساءل عن أسباب تأخر اهتمام الدارسين بهاته الفئات التي تحتل المواقع الدنيا في المجتمع، ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟  وخلصت إلى أن المسؤولية مشتركة، تعود إلى الباحثين من جهة، وإلى هذه الفئات نفسها. كما تقدم الأطروحة تأطيرا مصدريا لظاهرة التهميش بالمغرب وتستعرض بعض الأبحاث المنجزة حول الموضوع والتي لا تزال تتسم بالمحدودية.

وقد انطلقت هذه الرسالة من إشكالية مركزية، تمثلت في مظاهر تفكك المجتمع المغربي وتنامي ظاهرة هجرة المغاربة من البوادي نحو المدن وما رافقها من بروز ظاهرة الأحياء الهامشية والتي احتضنت الفقراء والمهمشين المغاربة وكل ما ضاقت بهم الحياة زمن الاستعمار، فهذه الدراسة وهي تتتبع بالدراسة والتحليل ظروف ونشأة ظاهرة التهميش بالمغرب، انطلقت من عدة فرضيات، جعلت من الأحياء الهامشية كظاهرة اجتماعية معقدة فعل استعماري، وتشكلت بالمدن نتيجة التحولات العميقة التي عرفتها البادية المغربية تحث السيطرة الاستعمار.

لقد قام الدكتور أبوريشة، بتحديد وتتبع مفهوم الهامش والمهمش وأبعاده التاريخية من خلال رصد تصورات ومواقف رواد التاريخ الجديد،  وفكك عوامل وآليات انحلال المجتمع المغربي، التي تنوعت ما بين عنف عسكري وسياسي وقانوني تمكن من خلالها المستعمر من التحكم في مقومات الإنتاج، ودفعت بسكان البوادي الهجرة صوب المدن الشيء الذي ساهم بشكل كبير في بروز هذا النمط الجديد الذي تسلط على المغرب، كما ساهمت السياسة الاستعمارية بالمدن كذلك والتي كانت تحاول من خلالها حماية المستوطنين الأجانب وتحكمها في المجالات الأساسية للمدينة في خلق نمط سكني جديد يحتضن السكان المغاربة القادمين من البوادي فوق مناطق مجهولة خارج محيط المدينة.

قدمت هذه الأطروحة عرضا تاريخيا واجتماعيا لسكان هذه الأوساط المهمشة وتصف تقديرات سكانها وأصولها الإثنية، مستفيضة في تقديم مسحا دقيقا لأنواع السكن الذي استقر به سكان هذه الأحياء، والذي تطور من خيمة إلى نوالة ثم إلى براكة، وهو سكن بدائي وغير صحي لم يكن يليق بالحياة الانسانية، لجأ إليه المغاربة بالمدن للتكيف مع ظروف الاستعمار وسياسة التهميش.

لقد تعرضت ساكنة الأحياء الهامشية لمختلف أشكال التهميش والقهر، وذلك من خلال افتقارهم للحاجيات الأساسية، حيث تفصل الدراسة في مشكل النظافة وقلة المرافق وهو ما جعل هؤلاء المهمشون يعانون خلال هذه الفترة من محن وأمراض متعددة، ويجعل الحياة هناك صعبة وشاقة.

كان اهتمام هذه الرسالة واضحة بمواضيع أخرى متنوعة تعالج تاريخ هذه الأوساط الفقيرة، كمظاهر الحياة الاقتصادية اليومية وما كان يمر به السكان هناك خلال هذه الفترة المدروسة، وكذلك دور سكان الأحياء الهامشية الرباطية في النضال السياسي ومدى مساهمتهم في تحقيق الاستقلال، وقد خلصت الأطروحة إلى نتائج قيمة تعززت بمجموعة من المطالب تهدف إلى قتل هذه الظاهرة الاجتماعية.

كل هذه التمثلات تناولها الباحث في أطروحة أكاديمية لنيل شهادة الدكتوراه تخصص تاريخ تحث إشراف الدكتور بوجمعة رويان ومحمد لغرايب للموسم الجامعي 2019 – 2018 والتي نسجت عبر ثمانية فصول وتأسست على مباحث ومطالب تعززت برصيد توثيقي علمي من خرائط وصور نادرة ومبيانات وجداول تؤكد الطرح التاريخي لهذه المقاربة العلمية، علاوة على زخم من المصادر والمراجع التي تنوعت ما بين فرنسية وعربية وأرشيف، مما جعل الرؤية التاريخية منفتحة على عدة مقاربات، نهودا إلى التحري العلمي والموضوعي الذي أقرت به لجنة المناقشة.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المقالات