728 x 90

سلسلة في علم الصرف (1): مقدمة منهجية

سلسلة في علم الصرف (1): مقدمة منهجية

تمهيد

تعريف علم الصرف

أهمية علم الصرف

خطة منهجية في تقديم علوم الصرف

………………………………………..

تمهيد:

لقد كان الدافع الى الكتابة في هذا الموضوع الكبير والمهم هو الدورة التكوينية التي حضرتها وشاركت فيها، في علم الصرف، وهي دورة مفيدة جمعت بين الطريقة التقليدية والحديثة في التدريس، حيث اشتغلنا على منظومة لامية الأفعال لابن مالك وتتبع أبياتها بالشرح والتفسير وتقديم النماذج. وقد رأيت أن أتقاسم مع القراء الكرام هذه المعلومات بطريقة مبسطة وقاصدة.

أهمية علم الصرف:

إن علم الصرف هو ميزان اللغة العربية، ذلك أن الكثير من القواعد تنبعث منه كالقياس[1]؛ “ألا ترى أنه قد يؤخذ جزء كبير من اللغة بالقياس، ولا يوصل الى ذلك إلا عن طريق التصريف نحو قولهم( كُل اسم في أوله ميم زائدة مما يُعمل به ويُنقل فهو مكسور الأول، نحو مِطرقة ومِروحة إلا ما استثني من ذلك”[2] والاشتقاق[3] الذي به نعرف أصل الكلمة ومشتقاتها، وما يترتب على ذلك من تغيير في الدلالة، ذلك أن كل زيادة في المبنى تفضي الى زيادة في المعنى.

تعريف علم الصرف:

” علم بأصولٍ تُعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب. وأبنية الاسم الأصول: ثلاثية ورباعية وخماسية. وأبنية الفعل: ثلاثية ورباعية، ويعبر عنها بالفاء والعين واللام، وما زاد بلام ثانية وثالثة. ويعبر عن الزائد بلفظه، إلا المبدل من تاء الافتعال فإنه بالتاء، وإلا المكرر للإلحاق أو لغيره فإنه بما تُقدمَه وإن كان من حروف الزيادة إلا بثبت”[4].

” يعرف علماء العربية علم الصرف بأنه” العلم الذي تعرف به كيفية صياغة الأبنية العربية، وأحوال هذه الأبنية التي ليست إعرابا ولا بناء” والمقصود بالأبنية هنا هيئة الكلمة”[5].

وتوسع بعض اللغويين المحدثين كثيرا  في تعريف علم الصرف؛ فكل كلمة أو أحد أجزائها أدت الى اختلاف المعاني النحوية فهي صرف، كعلم الأصوات الذي يهتم بالصوت في ذاته أو  في علاقته بغيره، بل إن الكثير من القضايا يعسر فهما دون تدخل علم الأصوات خاصة في موضوع الإعلال  والإبدال. كما أن علم الصرف يتكامل مع علم النحو، فإذا كان الأول يهتم بالكلمة فإن الثاني يهتم بالتغيرات الطارئة على الكلمة من رفع ونصب وجر، وما يترتب على ذلك من تغيير في المعنى، بل إن  علم الصرف مقدمة لدراسة وفهم علم النحو.

والتصريف ينقسم قسمين: أحدهما جعل الكلمة على صيغ مختلفة، لضروب من المعاني، نحو: ضرب، وضرَّب وتضارب” فمن خلال الكلمة (ض، ر، ب) نستطيع صياغة أبنية مختلفة، وهذا النوع يُدرك الكثير منه بمعرفة الزائد من الأصلي. والقسم الثاني ” تغيير الكلمة عن أصلها من غير أن يكون ذلك التغيير دالا على معنى” [6]

ما لا يلحقه الصرف:

قال ابن عصفور الاشبيلي” اعلم أن التصريف لا يدخل في أربعة أشياء. وهي الأسماء الاعجمية التي عجمتها شخصية كإسماعيل ونحوه، لأنها نقلت من لغة قوم ليس حكمها كحكم هذه اللغة. والاصوات ك “غاقِ” ونحوه، ولأنها حكاية ما يصوت به، وليس لها أصل معلوم. والحروف وما شُبه بها من الاسماء المتوغلة في البناء نحو: من، وما، لأنها بمنزلة جزء من الكلمة التي تدخل عليها. فكما أن جزء الكلمة الذي هو حرف الهجاء لا يدخله  تصريف فكذلك ما هو بمنزلته”[7]

خطة منهجية في تقديم علوم الصرف:

نهدف في هذه السلسلة الى التعريف بعلم الصرف بطريقة مبسطة وقاصدة ومختصرة، ولكنها جادة وعميقة تسفيد من الأعراف الأكاديمية في البحث، والطريقة التعليمية، ومن ثمة  نتوقع أن يجد الباحث والطالب والتلميذ بغيته وحاجته.

لن نقف في هذه السلسلة على شرح أبيات منظومة الأفعال لابن مالك فقط، ولن نتقيد  بالترتيب المنهجي للموضوعات التي اقترحته المنظومة، وإنما نجول في بحر كتب الصرف قديمها وحديثها ونختار ما نراه مناسبا.

 

[1]  القياس قاعدة لغوية لضبط بعض علوم اللغة،

[2]  ابن عصفور الاشبيلي (669 ه) الممتع في التصريف، تح: فخر الدين قباوة، ج1 ، ط3 دار الافاق، بيروت، ص: 27

[3]  الاشتقاق علم لغوي به نعرف أصل الكلمة  وما يتولد منها من كلمات

[4]  ابن الحاجب المالكي (646ه)  متن الشافية، كتاب مجموع مهمات المتون(1994) ط1  دار الكتب العلمية بيروت، ص:317

[5]  عبده الراجحي، التطبيق الصرفي، دار النهضة العربية بيروت، 7

[6]  الممتع في التصريف، ص:31-32

[7]  ابن عصفور الاشبيلي، الممتع في التصريف، ص:35

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

آخر المقالات